100%
حليم سلمان
هل يطرق (الدينار الرقمي) أبواب العراقيين ؟
القصة مرتبطة بالتحوّلات نحو المال الرقمي وتقليل الاعتماد على (النقد الورقي)، كجزء من ترقية البنية التحتية المالية عالميًا.
أميركا، الآن، تتجه لاستكشاف (الدولار الرقمي)، وهو شكل من أشكال العملة المركزية الرقمية (CBDC) يصدر عن البنك الفيدرالي، ويُعد "نقودًا عامة" مقابل النظام الخاص الحالي الذي تسيطر عليه البنوك والمؤسسات المالية.
السؤال الذي يطرح حاليًا، ما دوافع واشنطن وراء هذا التحول؟.
حسب كبريات المؤسسات المالية الأميركية؛ فإن الانتقال للمال الرقمي قد يُحسّن سرعة المدفوعات ويخفض تكاليفها، ويسمح بوصول أفضل للفئات المهمشة التي قد لا تملك حسابات مصرفية، فضلًا عن الخصوصية ومكافحة الجرائم المالية، إضافة إلى أن العملة الرقمية المركزية تتيح رقابة أفضل على حركة الأموال، وتسهم في مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، لكنها تثير قلقًا بشأن التتبع والمراقبة الحكومية المبالغ فيها.
أميركا، تريد تحديد العملات الخاصة: مثل الـ"ستايبل كوين" المرتبط بالدولار، الذي لا يتمتع بصفة "نقد قانوني"، لكن ازدياد استخدامه يشكل تحديًا للنقد الرسمي. لذا، فإن تطوير (الدولار الرقمي) يشكّل محاولة للحفاظ على السيطرة وتوحيد النظام المالي.
في ضوء ماسبق، العراق بدأ خطوات جادة نحو تحويل الدفع الرقمي لتقليص الاعتماد على (الكاش) عبر منصات مثل المحفظات الإلكترونية وPOS، وتحفيز الشمول المالي والحوكمة المالية.
وبخصوص التحولات الأميركية والدولية، يمكن أن يعيد العراق تقييم تبني ما يُعرف بـCBDC، خاصة إذا انطلقت العملة الرقمية الأميركية بشكل رسمي. ما قد يدفع لتطوير نسخته الوطنية، (الدينار الرقمي) أو التعاون الإقليمي في هذا المجال.
وبطبيعة الحال، فإن هناك جملة من التحديات المتوقعة التي تواجه مشروع (الدينار الرقمي) منها، الثقة المجتمعية في النظام المصرفي، وهي أصلًا منخفضة نسبيًا بسبب تأخر إجراءات المعاملات المالية ومشكلات السيولة، كذلك البنية التحتية الأمنية المرتبطة بتعزيز الإنترنت، وتحديث أنظمة الأمن السيبراني، وتوعية المواطنين حول التعامل الآمن مع النظام الرقمي الجديد، مدعومًا بالتنظيم القانوني والتقني للتعامل مع البيانات، وحماية الخصوصية، وتحديد آليات الإشراف المالي الرقمي.
العراق أرسى دعائم إصدار عملة رقمية كبديل تدريجي للعملة الورقية، ما يمثل قفزة نوعية بنظام المدفوعات الوطني الرقمي ويعزز الشفافية، وهي بمثابة (الدينار الرقمي)، الخطوة التي من شأنها أن تحقق فوائد عديدة، تكمن في تقليل التسرب النقدي، والحد من تداول العملة الورقية خارج النظام المصرفي، وتقليل الحاجة إلى طباعة النقود بشكل متكرر، ما يخفض التكاليف المرتبطة بإنتاجها وتوزيعها، وأيضًا تعزيز الشفافية والسيطرة على التدفقات المالية، فضلًا عن إمكانية تتبع السيولة الرقمية واتجاهات الإنفاق، سواء كان استهلاكيًا، أو ادخاريًا، أو استثماريًا.
إن تأثير هذا التحول العالمي المالي المصرفي يعتمد على مدى سرعة العراق في بناء بنية تحتية مقننة ومتطورة، والاستفادة من التجارب الأميركية والدولية بحذر ووعي، ولاسيما أن النقد الرقمي سيحافظ على وظائفه التقليدية كوحدة حساب ومدفوعات وادخار، مع إمكانية استخدامه عبر الإنترنت والهواتف الذكية، ما سيسهم في تطوير بيئة مالية أكثر استقرارًا وكفاءة.