100%
ميساء فاضل
الأمن السيبراني أحد المواضيع الأكثر أهمية في العصر الحالي، إذ أصبح عنصرًا أساسيًا لحماية الأنظمة الرقمية ومواكبة التقدم التكنولوجي المتسارع. في العراق، ومع تزايد الاعتماد على التكنولوجيا الرقمية في جميع القطاعات، أصبح من الضروري تعزيز الوعي السيبراني على جميع المستويات الحكومية والأكاديمية والمجتمعية.
يعرف الأمن السيبراني بأنه "حماية الأنظمة والشبكات والمعلومات من التهديدات والاختراقات الإلكترونية." اذ أصبح حجر الزاوية في ضمان استقرار البيئة الرقمية للدولة.
دعم حكومي
تحدثت د. سرى غضبان عيدان، المختصة في مركز الأمن السيبراني لمستشارية الأمن القومي، حول دور الحكومة في تعزيز الوعي السيبراني في العراق، مشيرةً إلى أن "الحكومة، من خلال مستشارية الأمن القومي، تبذل جهودًا حثيثة للتعاون مع المؤسسات الأكاديمية لتحسين المستوى العلمي والمهني للأمن السيبراني. وقد جرى تنظيم العديد من الفعاليات الأكاديمية، بما في ذلك ندوات بالتعاون مع جامعة المشرق وفريق السيرت (الاستجابة للطوارئ السيبرانية)، لزيادة التوعية حول كيفية مكافحة التهديدات السيبرانية. "، مضيفةً: "ويشمل هذا التعاون بين القطاع الحكومي والقطاع الأكاديمي تعزيز القدرات الأكاديمية في هذا المجال، واستشراف مستقبل سوق العمل في هذا القطاع الحيوي، مع التركيز على تدريب الأفراد والطلاب على أهمية الأمن السيبراني في المؤسسات الحكومية والأكاديمية.
كما يُشدد على ضرورة تطوير أنظمة تكنولوجية محلية بدلًا من الاعتماد على الاستيراد من الخارج، والتعاون مع الدول الأخرى لمواكبة التحديات والتهديدات المتزايدة في هذا المجال."
كوادر متخصصة
في السياق نفسه، تحدث د. علي عيدان العيسى، عميد الكلية التقنية الهندسية في جامعة المشرق، عن أهمية تدريس الأمن السيبراني في الجامعات، حين أشار إلى أن "التطور التكنولوجي السريع يفرض على الجامعات ضرورة تقديم برامج أكاديمية متخصصة في هذا المجال لضمان تأهيل كوادر قادرة على مواجهة التهديدات السيبرانية المتزايدة."
وأكد العيسى على "أهمية تحديث المناهج التعليمية لتواكب المعايير العالمية وتوفير المختبرات المتطورة التي تمكن الطلاب من تطبيق المعرفة النظرية عمليًا." كما أكد على ضرورة التعاون بين الجامعات والمؤسسات الحكومية والشركات الرائدة في مجال التكنولوجيا لتوفير فرص التدريب العملي للطلاب، ما يسهم في تطوير مهاراتهم وتعزيز قدرتهم على التصدي للتهديدات السيبرانية.
أمن المعلومات
وفي نفس السياق، أضاف الدكتور علي مصطفى الشيخلي، رئيس جمعية ISACA بغداد، التي تهتم بضبط ومراقبة نظم المعلومات، أن "الأمن السيبراني لا يقتصر فقط على المؤسسات الحكومية أو الكبرى، بل يشمل كل فرد في المجتمع."
وأكد الشيخلي على أهمية التوعية بالمخاطر السيبرانية وضرورة التدريب على كيفية الوقاية من الهجمات الإلكترونية. موضحًا أن "أفضل الإجراءات لحماية البيانات تشمل استخدام كلمات مرور قوية، وتفعيل المصادقة الثنائية، وتحديث البرمجيات بشكل دوري، واستخدام برامج مكافحة الفيروسات".
وأشار إلى أن "تعزيز الأمن السيبراني يتطلب جهدًا جماعيًا من الأفراد والمؤسسات، وأن التوعية المستمرة للموظفين والمواطنين حول كيفية التعرف على الرسائل الاحتيالية وطرق الوقاية منها يجب أن تكون من أولويات السياسة الأمنية في البلاد."
منصة أمان
أما أرشد الحاكم، الناطق الرسمي لجهاز الأمن الوطني العراقي، فقد أكد أن "الأمن السيبراني يعد جزءًا أساسيًا من حماية الدولة والمواطنين في العصر الرقمي."
وأوضح أن "جهاز الأمن الوطني قد وضع خطة متكاملة لحماية الأمن السيبراني، وذلك عبر تحديث البُنى التحتية الرقمية الوطنية وتأمين الأنظمة الحكومية وتبني سياسات موحدة لحماية المعلومات."
وقال إن "جهاز الأمن الوطني يعكف على تعزيز الوعي السيبراني في المجتمع." مشيرًا إلى أن منصة (آمان) الإلكترونية تمثل إحدى الأدوات الوقائية الرئيسة التي تساعد في فحص الروابط الإلكترونية وتنبيه المواطنين تجاه أية تهديدات قد تواجه بياناتهم الشخصية.
وأوضح الحاكم أن "الجهاز يعمل بالتعاون مع المؤسسات الوطنية والدولية لتعزيز القدرات الدفاعية ضد الهجمات الإلكترونية، وذلك في إطار صيانة الأمن القومي وحماية المواطنين من المخاطر المتزايدة في الفضاء السيبراني."
أخطر مخترق
وفي خطوة مهمة على صعيد مكافحة الجرائم الإلكترونية، تمكن جهاز الأمن الوطني من الإطاحة بأحد أخطر القراصنة الذين استهدفوا العديد من الشركات الخاصة في العراق، إذ استطاع الجهاز اكتشاف أن هذا الشخص كان وراء اختراق آلاف البيانات الحساسة، مثل الأسماء والعناوين وأرقام الهواتف، وجرى بيع هذه البيانات إلى أطراف مجهولة، حيث تعتبر هذه الجريمة تهديدًا كبيرًا للخصوصية، ما جعل الجهاز يتخذ خطوات سريعة للتعامل مع الموقف، بما في ذلك تتبع النشاطات المشبوهة على الإنترنت.
ويعكس هذا النجاح المستمر للجهاز، في مكافحة الجرائم السيبرانية، التزامه العميق بحماية أمن المعلومات وخصوصية المواطنين، ويؤكد على أهمية تعزيز التعاون بين القطاعين الحكومي والخاص للوقاية من الهجمات السيبرانية.