الأقليات في العراق.. ثروة حقيقية ووحدة وطنية

تحقيقات

الأقليات في العراق.. ثروة حقيقية ووحدة وطنية
100%
سوسن الجزراوي في البداية دعوني أعرّف كلمة الأقليات وفق مفهوم المفكر الكبير الدكتور علي الوردي، الذي يقول: إن "الأقليات جزء لا يتجزأ من المجتمع العراقي، وإن فهم طبيعة هذه الأقليات وتفاعلاتها مع الأغلبية أمر ضروري لفهم المجتمع العراقي ككل ". انطلاقًا من هذه الرؤية المهمة التي اختزل فيها (الوردي) الكثير من السرد المبهم، نرى أن موضوعة الأقليات إنما هي حالة تحمل في بنيتها وتركيبتها، الاجتماعية والسياسية والتاريخية والاقتصادية، الكثير من المفاهيم والدلالات العميقة لتعريف المجتمعات الناجحة التي تحترم وتحافظ على مكوناتها، حتى وإن انطوى هذا التكوين على أعداد قليلة ممن لا يشبهون الأعداد الكبيرة فيه. والشبه هنا، بالتأكيد، لايدخل في نطاق الأبعاد الإنسانية والأعراف والعادات المتفق عليها، فالجميع، بلا شك، خاضعون للقانون وملزمون باحترام سيادة الوطن، ومهتمون بالبحث عن كل الوسائل التي من شأنها الارتقاء بما يضمن سلامته واستقراره ووصوله إلى المجتمع النموذجي الذي يشكل أنموذجًا يحتذى به على الصعيد العالمي . تنمر وتهديد ومن أجل الوصول إلى هذه الصورة المثالية، التي يحلم بها الكثير، كان لابد من تشريع قانون يعنى بحماية حقوق وحريات الأقليات في العراق، كونه موضوعًا مهمًا ومعقدًا نوعًا ما، لأنه يهتم بضمان حقوقهم المدنية والسياسية والثقافية والدينية والاجتماعية، ويحترم معتقداتهم الدينية التي يؤمنون بها، التي تواجه أحيانًا بالرفض من جهة، والتنمر والتهديد من جهة أخرى. يواجه العراق الكثير من التحديات الكبيرة في هذا المجال، وذلك بسبب غياب التثقيف الفكري بحقوق الأقليات من ناحية، والصراعات الطائفية وبعض الخرافات البالية والمفاهيم المغلوطة التي يعمل على إشاعتها بعض ضعاف النفوس من ناحية أخرى، أولئك الذين يؤرقهم استقرار المجتمع العراقي وتعايش مكوناته بسلام ووحدة وتآلف. في مقابل هذا، نرى الكثير من الجهود المبذولة لتعزيز حقوق الأقليات، وذلك من خلال تشريعات وقوانين، غايتها تنظيم الحياة وإعطاء كل ذي حق حقه فيها. بالإضافة إلى ذلك، تلعب منظمات المجتمع المدني في العراق دورًا مهمًا في هذا المجال، كونها تعنى بالخطاب الإنساني والأخلاقي الذي يستهدف الفكر المدني المتحضر، المتحرر من العقد والإرهاصات القديمة التي عفا عليها الدهر، فنرى أن هذه المنظمات تعمل بجدية بالغة التأثير على التوعية الفكرية، وذلك من خلال إقامة الندوات الرصينة، التي تستند بعناصرها إلى دور كل مواطن في بناء المجتمع، وجعله مجتمعًا معافىً، اعتمادًا على الإخلاص والحب والتفاني في خدمة الوطن، بغض النظر عن الانتماءات الدينية وأشكالها. عدالة ومساواة وبلا شك، فإن ضمان حقوق الأقليات يعكس احترام الدولة للعدالة والمساواة بين أفراد المجتمع كافة. ولتفعيل هذا القانون، كان لابد من وجود تشريعات رسمية رصينة، تدرس كل حيثيات المعتقدات والتوجهات والطقوس التي تؤمن بها بقية مكونات المجتمع، بغية إعطاء التطمينات الكافية لهذه الأقليات، التي تشكل لوحة مكتملة الملامح في النسيج الوطني. ومن بين أهم هذه التشريعات، نصوص ولوائح تمنح حرية العبادة للمكونات جميعًا، وتوفر الحماية اللازمة لأماكن العبادة .كما تسهم موضوعة التمثيل السياسي، سواء في البرلمان أو مختلف المؤسسات الحكومية، في منح أفراد هذه الأقليات الثقة الكبيرة بوجودهم كشركاء أساسيين في الدولة. سطوة القانون ويعد الدستور العراقي أول الضمانات الرسمية التي تعترف بحقوق الأقليات، وتعمل على أن تضمن لهم المساواة والعدالة، أسوة ببقية مكونات المجتمع . كما لا يمكن -بكل الأحوال- أن نبتعد بمنظورنا عن دور القضاء في هذا الشأن، فللقضاء السطوة القانونية الرسمية التي تلعب دورًا مهمًا في حماية حقوق الأقليات، وذلك من خلال تطبيق القوانين وضمان العدالة ومحاسبة من يجرؤ على اختراق القانون أو العبث بنصوصه، أو التعمّد بتسويف بنوده وماتلزمه من قرارات لضمان تطبيق تلك العدالة. ولاكتمال كل خطوط هذا التوجه المهم، المعني بحماية حقوق المكونات، إن جاز التعبير، كان لابد من حضور وسائل الإعلام بقوة، واهتمامها بالتوعية وتسليط الضوء على أهمية احترام حقوق كل المكونات، مهما كانت دياناتها أو مذاهبها أو معتقداتها، طالما كانت تدعو للتوحيد وعبادة الخالق . كما تلعب المدارس والجامعات، بتدريسييها، دورًا مهمًا أيضًا من خلال المناهج من ناحية، والتوعية المعرفية بشركاء الوطن وجذورهم وقيمهم النبيلة. كل هذا، بلا شك، سيفضي بنا إلى حالة التعايش السلمي، كما يسهم في تعزيز هذا المنحى الاجتماعي حول ماهية وفكرة (التعايش السلمي) بين مختلف الفئات في المجتمع العراقي، وذلك لضمان وحماية حقوق الأقليات .

إقــــرأ المــــزيــــــــد

العلكة الكردية.. سحر الطبيعة وثمرة الجبال
تحقيقات

العلكة الكردية.. سحر الطبيعة وثمرة الجبال

حين تمتزج الأرض بالتقاليد.. قصة (تنباك الجدول الغربي) الذي يغزو المقاهي
تحقيقات

حين تمتزج الأرض بالتقاليد.. قصة (تنباك الجدول الغربي) الذي يغزو المقاهي

حياة بلا تواصل اجتماعي..  هل مازال في وسعنا أن نعيش في العالم الافتراضي؟
تحقيقات

حياة بلا تواصل اجتماعي.. هل مازال في وسعنا أن نعيش في العالم الافتراضي؟

أرصفة بلا مارة.. كيف تحولت شوارع بغداد إلى غابة من التجاوزات؟
تحقيقات

أرصفة بلا مارة.. كيف تحولت شوارع بغداد إلى غابة من التجاوزات؟

من الورق إلى الكود.. الهوية الجامعية تدخل العصر الرقمي
تحقيقات

من الورق إلى الكود.. الهوية الجامعية تدخل العصر الرقمي

العراق: "الدولة والمجتمع خلال قرن"
تحقيقات

العراق: "الدولة والمجتمع خلال قرن"

أبرز الأخبار

كيفــ ترد على من يحاول التقليل من شأنك؟

كيفــ ترد على من يحاول التقليل من شأنك؟

يارا خضير: أرقص من أجل السلام

يارا خضير: أرقص من أجل السلام

قصة إعدام الفنان صباح السهل

قصة إعدام الفنان صباح السهل

السحر الأسود.. يقلق راحة الموتى والأحياء المتاجرة بأدوات غسل الميت وأعضائه

السحر الأسود.. يقلق راحة الموتى والأحياء المتاجرة بأدوات غسل الميت وأعضائه

صلاح عمر العلي:300 عضو قيادي اختفوا بعد اجتماع قاعة الخلد

صلاح عمر العلي:300 عضو قيادي اختفوا بعد اجتماع قاعة الخلد

رنين تبوني: بالشعر.. اهرب من الواقع !

رنين تبوني: بالشعر.. اهرب من الواقع !

تاريخ ورمزيّة خاتم الزواج

تاريخ ورمزيّة خاتم الزواج