رؤية جديدة لمستقبل بغداد مدينة الورود السكنية.. تحتضن أكبر حديقة في العالم

وسام مريدي /

في بغداد، حيث تتقاطع أحلام المواطنين مع الحاجة الملحّة إلى سكنٍ كريم، يطلّ مشروع (مدينة الورد) كإحدى أكبر المبادرات السكنية التي شهدتها العاصمة منذ عقود. المشروع الذي أعلنت عنه شركة (أورا العراق)، لا يقتصر على بناء وحدات سكنية، بل يُنظر إليه كتحوّل نوعي في التخطيط العمراني الحديث، وخطوة طموح لمعالجة أزمة السكن المتفاقمة، التي أرهقت ملايين الأسر العراقية عقودًا.

(مدينة الورد)، التي ستحتضن أكثر من 100 ألف وحدة سكنية موزعة على ثلاث مراحل، تمثلُ في جوهرها رؤية جديدة لمستقبل بغداد: مدينة تمتد أفقيًا، تحتضنُ الحدائق، والخدمات، والمرافق الصحية والتعليمية، وتمنح سكانها ما هو أكثر من جدران وسقوف... تمنحهم حياة.

سكن لائق

جاءت هذه المبادرة في وقت تشهد فيه البلاد زخمًا متزايدًا نحو مشروعات التنمية العمرانية، بدعم مباشر من الحكومة ورئيس الوزراء محمد شياع السوداني، الذي أكّد مرارًا أن توفير السكن اللائق ليس من الكماليات، بل هو أولوية وطنية ترتبط بالاستقرار الاجتماعي والاقتصادي. إلى جانب مدنٍ سكنية كـ(مدينة الجواهري) و(مدينة بسماية)، تسعى الحكومة إلى خلق بيئة حضرية أكثر توازنًا، تُعزز جودة الحياة وتعيد رسم معالم العاصمة بما يتناسب مع طموحات أبنائها.

(مدينة الورد) ليست مجرد حجر يُرصف أو طابوق يُبنى، بل مشروع يزرع الثقة في الأرض، ويمنح المواطن العراقي شيئًا من الطمأنينة وسط التحولات الكبرى، كما يعدّ مشروع مدينة الورد أحد مسارات الحكومة لمعالجة أزمة السكن، وأنموذجًا في المحافظات لشمول العديد من فئات المجتمع العراقي، فضلًا عن أن الحكومة غادرت مسألة توزيع الأراضي السكنية من دون خدمات للبنى التحتية، أو تصاميم تليق بالمدن الحديثة والمتطلبات المختلفة.

مدينة متكاملة

تبرز مدينة الورد كأحد أبرز المشاريع السكنية العملاقة، ليس فقط لحجمها الذي يتجاوز 110 آلاف وحدة سكنية، بل بما تمثله من رؤية جديدة تعيد التوازن إلى معادلة السكن والخدمات في بغداد. المشروع، الذي يقع على بعد 3 كيلومترات فقط من (مدينة الفرسان) السكنية، ويمتد بمستوى محافظة جديدة، يجسّد طموحًا وطنيًا يتجاوز فكرة المجمع السكني ليكون نواةً لمدينة متكاملة بمعايير حديثة.

رئيس الوزراء، السيد محمد شياع السوداني، في تصريحات، خلال الإعلان عن المشروع، شدد على أن (مدينة الورد) ليست مشروعًا عابرًا، بل جزءٌ من مخطط ستراتيجي يمتد لثلاثة عقود مقبلة، يشمل شبكات طرق، وشبكات مياه، وكهرباء، ونقلًا عامًا. وأكد أن الحكومة ماضية في التزاماتها بإيصال كل البنى التحتية الأساسية إلى هذه المدن الجديدة.

على طريق بطول 17 كم قيد الإنشاء، سيربط وسط بغداد بمشروعي (الورد) و(الفرسان)، لتتحوّل هذه المنطقة إلى قلبٍ سكني جديدٍ ينبض بالحياة. وضمن مشروع مترو بغداد، يجري العمل على ربط هذه المدن الجديدة بوسائل نقل متطورة، في مفاوضات مع شركات عالمية متخصصة في مجال البنى التحتية الذكية.

السوداني دعا رجال الأعمال والمطورين العقاريين إلى اغتنام الفرص الاستثمارية المتاحة، مؤكدًا أن الحكومة لن تدّخر جهدًا في تقديم التسهيلات، بل وناشد القطاع الخاص ببناء مصانع للمواد الإنشائية، قائلًا: "ما هو متوفر حاليًا لا يغطي النهضة العمرانية المقبلة."

يذكر أن عدد الوحدات السكنية، ضمن المشروعات التي وقعتها الحكومة مؤخرًا، قد تجاوز المليون وحدة، ما يشير إلى تحوّل ستراتيجي في ملف السكن، يعكس التزامًا واضحًا من الدولة بمعالجة جذور أزمة امتدت عقودًا، من خلال مشروعات كالورد، والجواهري، والفرسان، والنهضة، وغيرها.

أهداف المشروع

مشروع (مدينة الورد) يهدف إلى:

* توفير حلول سكنية حديثة ومتكاملة للمواطنين العراقيين.

* تعزيز البنية التحتية الحضرية في العاصمة.

* دعم الاقتصاد المحلي من خلال توفير آلاف فرص العمل المباشرة وغير المباشرة.

* يشكّل فرصة حقيقية للأسر العراقية الباحثة عن بيئة سكنية تجمع بين الراحة والخدمات الضرورية، وسط ارتفاع كبير في أسعار العقارات التقليدية ونقص المشروعات السكنية الملائمة.

المدينة لن تقتصر على بناء وحدات سكنية، بل ستُضمّن مرافق خدمية حيوية تشمل:

* شبكات نقل ومواصلات حديثة.

* مدارس ومراكز تعليمية.

* مستشفيات ومرافق صحية.

* حدائق ومناطق ترفيهية.

* مراكز تجارية وثقافية.

زخم سكاني

من المتوقع أن تُسهم (مدينة الورد) في تقليل الزخم السكاني في مناطق بغداد المكتظة، كما أنها تمثل متنفسًا عمرانيًا واقتصاديًا، وسط تفاؤل واضح من قبل المواطنين والمختصين بالشأن العمراني.

ويُنظر إلى المشروع، بحسب مختصين، على أنه نقطة تحوّل في نمط السكن التقليدي، إذ يوفر بيئة متكاملة تلبّي حاجات المواطنين، وتُراعي جودة الحياة، وتفتح بابًا واسعًا نحو تطوير المجتمعات السكنية في العراق بمعايير حديثة تواكب النمو السكاني والتغيرات الاجتماعية.

مدن جديدة

لم يشهد العراق، منذ أكثر من 45 عامًا، تنفيذ مشاريع كبيرة بسبب الحروب والأحداث التي مرت بها البلاد، ما أدى إلى حرمانه من المشروعات الستراتيجيَّة وتدهور مستوى الخدمات نتيجة الضغط المستمر على البنى التحتية، إلا أن الحكومة الحالية سعت، بشتى الطرق، إلى التوجه نحو المشروعات الخدمية والتنموية. وبهذا المشروع الستراتيجي، سننتقل من إنشاء أحياءٍ ومجمعات سكنية، إلى بناء مدنٍ جديدة تُخطط وفق معايير حضرية، تلبّي متطلبات الحياة الحديثة من خلال اعتماد الخطط البيئية، واستدامة الطاقة، وأنظمة العزل الحديثة، لتوفير خدمات متكاملة لمدينة متكاملة.

بصمة مميزة

تعد (مدينة ورد) أول تجربة من نوعها في العراق منذ عقود، وأكبر مشروع تنموي في البلاد، إذ تقوم وزارة الإعمار والإسكان بتنفيذ طريق سريع يربط منطقة قناة الجيش بالمدينة، كما جرى توزيع مجموعة من قطع الأراضي المجاورة بين منتسبي وزارة الدفاع، مع وجود خطط لتوسعات مستقبلية إضافية.

رئيس مجموعة (أورا) للتطوير العقاري، نجيب ساويرس، أكد أن "رئيس الوزراء محمد شياع السوداني ذلل جميع العقبات التي تواجه مشروع مدينة الورد في العاصمة بغداد." وأوضح أن "انطلاق المشروع يبشر بالتفاؤل."

وأكد أنه "يسعى لوضع بصمة مميزة في مشروع مدينة الورد، ولاسيما أنه مشروع متكامل." لافتًا إلى أنه سيعمل على "إنجاح المشروع ليكون مكانًا يسكن فيه الناس بكل راحة وسعادة."

كما وصف رجل الأعمال المصري مشروع مدينة الورد في العراق بأنه "شيء لم يُرَ من قبل في المنطقة العربية." مبينًا أن المشروع سيضم أكبر حديقة في العالم.