100%
محسن العكيلي
حكاية من واقع العائلة العراقية واستعدادها للذهاب إلى دار السينما، وما يرافق تلك الأمسية من طقوس جميلة؛ إذ يذهب الخيال بعيدًا، مستعيدًا ذكريات خلت، عن الدخول لأول مرة إلى صالة عرض سينمائي، واكتشاف عالم السينما المذهل الجميل. التزاحم على شباك التذاكر وطقوس المشاهدة، وما إن تُطفأ الأنوار حتى يعلو صفير الحاضرين وتتردد عبارات التشجيع لأبطال الفيلم.
مرّت السنون، وأصبحت المشاهدة أكثر نضجًا، وبدأ الجمهور العراقي ينجذب نحو الأفلام العالمية وروائع السينما، بعيدًا عن الأكشن والحركات البهلوانية. كانت بغداد حينها تزخر بدور العرض السينمائي، ولكل دار عرض هويتها ونوعية أفلامها. لكن، ومنذ تسعينيات القرن الماضي، تلاشت تلك الطقوس، وحُرِمت العائلة العراقية من متعة المشاهدة، نتيجة الحروب والظروف التي فتكت بكل شيء.
الآن، وبعد تلك السنين العجاف، عاد شباك التذاكر ليحتضن محبي السينما، وعادت العجلة للدوران، بنهضة سينمائية يقودها شباب عراقيون، متحدّين الصعاب.
مواجهة الماضي
شهدت صالات السينما مجموعة عروض في بغداد وعدد من المحافظات العراقية. أول هذه العروض فيلم "ندم"، الذي تدور أحداثه في ثلاث حقب زمنية مختلفة، وتحكي قصة طفل يكتشف شغفه بالسينما، لينطلق في رحلة تحقيق الحلم، متحديًا العقبات والصراعات العائلية والمجتمعية.
يتصاعد إيقاع الأحداث حتى تصل القصة إلى مفاجأة صادمة، تُعيد تشكيل مسارها بالكامل. يطرح الفيلم، بجرأة، قضايا حساسة تخص وجود المرأة في المجتمع العراقي، والصعوبات التي تواجهها، واختلاف وجهات النظر حول دورها.
الفيلم من كتابة وإخراج ريكا برزنجي، وبطولة: د. جبار جودي، بكر خالد، براء الزبيدي، إنعام الربيعي، سارة أوس، ومهند ستار.
أناشيد آدم
الفيلم الآخر هو "أناشيد آدم" للمخرج عدي رشيد. تبدأ مشاهده بعبارة: "كان يا ما كان في بلاد الرافدين". تدور أحداث الفيلم في قرية نائية على ضفاف الفرات، تحكي قصة صبي يُدعى آدم، يبدأ محاولته الأولى في إيقاف الزمن، بعد أن يُجبر على مشاهدة غسل جثة جده.
هذه التجربة المؤلمة تترك أثرًا عميقًا في نفسه، فيعلن أنه لا يريد أن يكبر، ويتوقف عن التقدم في السن. ومع مرور السنوات، يراه القرويون ملعونًا، بينما يعتبره أصدقاؤه محظوظًا لأنه حافظ على نقاء وبراءة الطفولة.
فيلم مؤثر وجميل، عرض سابقًا في مهرجان البحر الأحمر السينمائي، وحصل على جائزة أفضل سيناريو، كما عُرض في مهرجان سينما الشباب الدولي في بغداد.
"أناشيد آدم" هو الفيلم الروائي الثالث لعدي رشيد بعد "غير صالح" (2005) و"كرنتينة" (2010)
أعماق التاريخ
المخرج أنس منفي اختار أن يُقدّم عملاً يحمل هوية عراقية حقيقية، بعيدًا عن القوالب التقليدية، متحديًا الكثير من الآراء ليُنتج فيلمًا يتماشى مع تطلعات الجمهور العراقي المتعطش لأعمال سينمائية حديثة واحترافية.
يعتمد الفيلم على المؤثرات البصرية لخلق أجواء فانتازية مستوحاة من الحضارات القديمة، بدمجها مع المجتمع العراقي في قالب عصري.
تدور أحداث الفيلم في إطار من المغامرة والخيال العلمي، حيث يلتقي "علاء" (سيف الشريف) بالباحثة المهووسة "سرور" (رويدة شاهين) داخل بناية مهجورة في بغداد، ويجدان نفسيهما في مغامرة غامضة للبحث عن عالم مدفون تحت بلاد ما بين النهرين.
يشارك في بطولة الفيلم: سيف الشريف، رويدة شاهين، عواطف نعيم، علي الكرخي، غصون حيدر، وظهور خاص للفنان عزيز خيون.
"البرازيلي الأزرق"
بشغف واضح وطاقات شابة، اجتمعت مجموعة من عشاق السينما، بمعية المخرج محمد شيرواني، لإنتاج فيلم "البرازيلي الأزرق"، وهو فيلم أكشن ومغامرة، مستند إلى قصة حقيقية وقعت أحداثها في أربيل.
الفيلم مصوَّر بتقنيات عالية الجودة وبمستوى فني يضاهي أفلام هوليوود، ويُعرض حاليًا في صالات السينما في إقليم كردستان، كإشارة إلى تنوّع الأصوات والأساليب التي بدأت تظهر في السينما العراقية الحديثة.