رادارات بغداد الذكية.. عندما تتحول الشوارع إلى مسارات آمنة تحترم الإنسان والنظام!

تحقيقات

رادارات بغداد الذكية..  عندما تتحول الشوارع إلى مسارات آمنة تحترم الإنسان والنظام!
100%
همسة وائل/ في مشهد يشبه تحولات المدن الذكية حول العالم، تستعد بغداد لمرحلة غير مسبوقة في إدارتها للمرور، من خلال مشروع تركيب 200 رادار ذكي لرصد السرعة والمخالفات على الطرق الحيوية داخل العاصمة، وهو المشروع الذي بدأ تطبيقه رسميًا في الأول من تموز 2025. تمثل هذه الخطوة التقنية أول محاولة جادّة لكبح فوضى الشوارع، عبر نظام رقمي يراقب ويحاسب في الزمن الحقيقي، في محاولة للحد من الحوادث القاتلة التي تحصد أرواح العراقيين يوميًا. لكن يبقى السؤال الجوهري: هل تستطيع التكنولوجيا كبح نزيف الأسفلت؟ فوضى السرعة تشير تقارير مديرية المرور العامة إلى تصاعد خطير في أعداد الحوادث المرورية في بغداد خلال السنوات الأخيرة، وكانت السرعة الزائدة العامل المشترك في معظم هذه الحوادث، إلى جانب ضعف الالتزام بالأنظمة وغياب الردع الفوري. الواقع اليومي في العاصمة لا يعكس صورة مدينة كبرى؛ إذ نشاهد إشارات مرور لا تُحترم، ومركبات تسير بسرعات متضاربة، وتقاطعات تعج بالعشوائية، ما خلق مناخًا محفوفًا بالمخاطر، خصوصًا في الطرق الخارجية. فيما أعلنت مديرية المرور، بالتنسيق مع محافظة بغداد، عن إطلاق مشروع تركيب أكثر من 200 رادار ذكي. هذه الرادارات ليست مجرد كاميرات تقليدية، بل أنظمة متكاملة تقيس السرعة بدقة عالية، وتلتقط المخالفات لحظيًا، وترسلها إلى قاعدة بيانات مركزية مرتبطة بمديرية المرور. يقول العقيد حيدر شاكر محمد، مدير شعبة الإعلام في مديرية المرور، إن "الرادارات بدأت العمل بالفعل على بعض الطرق الخارجية." مؤكدًا أن السرعة القصوى محددة حسب المسارات: 120 كم/ س للمسار الأيسر، 100 للوسط، و80 للأيمن. وأضاف أن المشروع يعمل حاليًا دون تدخل بشري ويهدف إلى تقليل الحوادث المرورية بشكل فعّال. وأوضح أن التطبيق بدأ فعليًا من الأول من تموز، بالتوازي مع إطلاق تطبيق "عين العراق" الذي يتيح للمواطنين الاستعلام عن المخالفات المرورية ودفعها إلكترونيًا فور تسجيلها. وأضاف أن الرادارات تُوزّع على التقاطعات الرئيسة ومداخل العاصمة والطرق السريعة، لخلق رقابة رقمية شاملة تسهم في فرض هيبة القانون على الطرق العامة. كيف يعمل الرادار الذكي؟ يعتمد النظام المستخدم في بغداد على تقنيات الاستشعار الكهرومغناطيسي والكاميرات العالية الدقة والمعالجة الفورية للبيانات. كما يمكن للرادار تحديد سرعة المركبة بدقة حتى في ظروف الطقس السيئة، مثل الغبار أو الأمطار، ويشمل النظام: * رادارات ثابتة تُثبت على أعمدة أو جوانب الطرق. *رادارات محمولة تُستخدم في الدوريات المتحركة. *رادارات متعددة المسارات قادرة على رصد أكثر من مسار في الوقت ذاته. الكاميرات المدمجة تلتقط لوحات الأرقام بوضوح، نهارًا وليلًا، باستخدام تقنيات الأشعة تحت الحمراء، وبمجرد التقاط المخالفة، تُرسل مباشرة إلى مركز رقمي يقوم بأرشفة البيانات وتوليد إشعار إلكتروني يربط المركبة بقاعدة بيانات المرور. النظام قابل للتوسّع مستقبلًا، من خلال ربطه ببرمجيات تحليل سلوك السائقين، لرصد النقاط الساخنة وتخطيط توزيع الدوريات بدقة أكبر. من التجربة إلى التعميم من جانبه، أوضح المهندس محمد علي الحسّون، المدير الإعلامي لمديرية المرور، أن النظام دخل حيّز التنفيذ بعد مرحلة تجريبية بدأت في آذار 2024، شملت عشرة تقاطعات في الكرخ والرصافة باستخدام كاميرات ذكية وسيرفرات لحظية. وأشار إلى أن التجربة أظهرت نتائج واعدة في الحد من المخالفات، وتسهيل إجراءات الرصد، وتكامل البيانات بين الجهات المختصة. كما بدأت محافظات مثل كربلاء، وبابل، والأنبار بتجارب مماثلة على الطرق الخارجية، ما يعزز فرص تعميم المشروع على المستوى الوطني في المستقبل القريب. خطط مستقبلية وتتوقع وزارة الداخلية انخفاضًا في الحوادث بنسبة تصل إلى 40 % خلال الأشهر الستة الأولى من تطبيق النظام، مع تحسن ملحوظ في سلوك السائقين، خصوصًا سائقي مركبات البيكب والتاكسي. ومن المؤمّل أن يسهم المشروع في تخفيف العبء عن رجال المرور، وتفعيل أدوات رقابية شفافة تعتمد على الردع التقني، بدلاً من التدخلات اليدوية. كما تتضمن الخطط المستقبلية توسيع المشروع ليشمل محافظات أخرى مثل البصرة والنجف والموصل، مع دراسة ربط النظام بمنظومة النقاط المرورية، وتهيئة البنية التحتية لاستقبال تقنيات القيادة الذاتية في المستقبل. مشروع الرادارات الذكية لا يُعد حلًا سحريًا، لكنه يشكّل خطوة جادة نحو إصلاح منظومة المرور في العراق. فعندما يُطبق القانون بعدالة وتُستخدم التكنولوجيا بذكاء، تتحول الشوارع من ساحات موت إلى مسارات آمنة تحترم الإنسان والنظام. بغداد اليوم تراهن على التكنولوجيا، لا لردع المخالفات فقط، بل لإعادة هيكلة علاقة المواطن بالقانون والشارع والدولة.

إقــــرأ المــــزيــــــــد

العلكة الكردية.. سحر الطبيعة وثمرة الجبال
تحقيقات

العلكة الكردية.. سحر الطبيعة وثمرة الجبال

حين تمتزج الأرض بالتقاليد.. قصة (تنباك الجدول الغربي) الذي يغزو المقاهي
تحقيقات

حين تمتزج الأرض بالتقاليد.. قصة (تنباك الجدول الغربي) الذي يغزو المقاهي

حياة بلا تواصل اجتماعي..  هل مازال في وسعنا أن نعيش في العالم الافتراضي؟
تحقيقات

حياة بلا تواصل اجتماعي.. هل مازال في وسعنا أن نعيش في العالم الافتراضي؟

أرصفة بلا مارة.. كيف تحولت شوارع بغداد إلى غابة من التجاوزات؟
تحقيقات

أرصفة بلا مارة.. كيف تحولت شوارع بغداد إلى غابة من التجاوزات؟

من الورق إلى الكود.. الهوية الجامعية تدخل العصر الرقمي
تحقيقات

من الورق إلى الكود.. الهوية الجامعية تدخل العصر الرقمي

العراق: "الدولة والمجتمع خلال قرن"
تحقيقات

العراق: "الدولة والمجتمع خلال قرن"

أبرز الأخبار

كيفــ ترد على من يحاول التقليل من شأنك؟

كيفــ ترد على من يحاول التقليل من شأنك؟

يارا خضير: أرقص من أجل السلام

يارا خضير: أرقص من أجل السلام

قصة إعدام الفنان صباح السهل

قصة إعدام الفنان صباح السهل

السحر الأسود.. يقلق راحة الموتى والأحياء المتاجرة بأدوات غسل الميت وأعضائه

السحر الأسود.. يقلق راحة الموتى والأحياء المتاجرة بأدوات غسل الميت وأعضائه

صلاح عمر العلي:300 عضو قيادي اختفوا بعد اجتماع قاعة الخلد

صلاح عمر العلي:300 عضو قيادي اختفوا بعد اجتماع قاعة الخلد

رنين تبوني: بالشعر.. اهرب من الواقع !

رنين تبوني: بالشعر.. اهرب من الواقع !

تاريخ ورمزيّة خاتم الزواج

تاريخ ورمزيّة خاتم الزواج