بغداد: مصطفى الهاشمي /
قدمت مجموعة من الخبراء الاقتصاديين مقترحًا لتطوير واقع العراق الجمركي، لتعظيم الإيرادات إلى أكثر من 60 % من قيمتها الحالية، إذ تشكل الجمارك عنصرًا حيويًا في الاقتصاد الوطني، وتسهم في تنظيم حركة البضائع عبر الحدود وجمع الرسوم الجمركية، إضافة إلى حماية السوق المحلي من المواد المخالفة للمواصفات جاء ذلك بعد الاجتماع الذي جمع وزيرة المالية طيف سامي مع وفد من منظمة (الأونكتاد) مؤخرًا. تعتمد الجمارك على نظام إلكتروني حديث يُعرف بـ ASYCUDA لتسريع الإجراءات وتحقيق الشفافية، يجري من خلاله تعديل الرسوم الجمركية لتتراوح ما بين 10 % إلى 30 % حسب نوع البضائع، مثل الأجهزة الكهربائية والأسلحة، التي تكون رسومها أعلى، في حين تشمل الإعفاءات، الذهب والهواتف المحمولة. أتمتة النظام وبحسب عدد من الخبراء الاقتصاديين، تسعى الهيئة العامة للكمارك، بالتعاون مع شركات دولية، إلى أتمتة النظام بالكامل للحد من الفساد، بهدف زيادة الإيرادات، ففي هذا السياق اجتمعت وزيرة المالية طيف سامي مع ممثلي مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (UNCTAD)، ضمن جهود العراق لتعزيز التعاون الدولي وتطوير السياسات المالية والجمركية. ويمثل النظام الجمركي عنصرًا أساسيًا في بناء اقتصاد قوي ومستدام، يسهم في ضبط حركة الاستيراد والتصدير، ويعزز الموارد غير النفطية للدولة. وفي ظل التحديات الراهنة التي يواجهها العراق على المستويين الإداري والفني، تبرز الحاجة إلى إصلاح شامل ومنهجي يعزز الشفافية ويكافح الفساد. إصلاح الجمارك في هذا الشأن، اقترح المختص بالشأن الاقتصادي، علي الخفاجي، الاستمرار بـ "أتمتة الإجراءات الجمركية عبر نظام (الأسيكودا)، الذي سيرفع الإيرادات بنسبة تفوق الـ 50 % دون زيادة الرسوم، فضلًا عن تحديث التعرفة الجمركية لتواكب المعايير العالمية وتمنع التلاعب بالقوائم الوهمية التي قد يقدمها الموردون على أنها أصلية." وبيّن الخفاجي، في حديثه لـ "الشبكة العراقية" أن النتائج المتوقعة ستكون "ارتفاعًا ملحوظًا في الإيرادات الجمركية بنسبة تتجاوز 40 % خلال أول عام من التطبيق، فضلًا عن تقليص التهرب الجمركي بنسبة 60 % بفعل الرقابة الإلكترونية، وبالتالي تعزيز ثقة المستثمرين والقطاع الخاص بالنظام الجمركي، مع نمو ملحوظ في الصناعات الوطنية نتيجة تقليص الاعتماد على البضائع المستوردة." دعم المنتج الوطني من جهتها، قدمت الأكاديمية الاقتصادية، الدكتورة نبراس الجابري، مقترحًا لدعم المنتج الوطني عبر فرض رسوم تدريجية على البضائع الأجنبية، ومكافحة التهريب، من خلال تعزيز الرقابة على المنافذ الحدودية واستخدام الأنظمة الإلكترونية، وتحقيق العدالة الجمركية عبر تطبيق القوانين بشكل منصف على الجميع. ولزيادة الايرادات الجمركية اقترحت الجابري أيضا، في حديثها لـ "الشبكة العراقية"، تعزيز "الرقابة على المنافذ الحدودية باستخدام تقنيات المراقبة الذكية والطائرات المسيّرة لتقليل التهريب، إضافة إلى تحديث التعرفة الجمركية بما يتماشى مع السياسات الاقتصادية، ويحفز الاستيراد المنظم، إلى جانب تدريب الكوادر الجمركية على استخدام الأنظمة الحديثة ومكافحة الفساد الإداري." ورأت أن هذا المقترح سيمثل خطوة ستراتيجية نحو بناء نظام جمركي فاعل ومتطور يعكس رؤية العراق الاقتصادية، ويؤسس لبيئة أعمال شفافة ومشجعة على الاستثمار. تحفيز القطاع الخاص بدوره، اقترح المختص بالشأن الاقتصادي، فراس عامر، ضمان تسهيلات جمركية للشركات الملتزمة لتشجيع التصريح الكامل والدفع السليم. ودعا عامر في حديثه لـ "الشبكة العراقية" إلى "إطلاق حملات توعية للمستوردين والمصدرين حول أهمية الالتزام الجمركي وأثره على الاقتصاد الوطني." مؤكدًا أن "النظام الجمركي في العراق يشهد حاليًا خطوات إصلاحية مهمة، لكنه لا يزال يواجه تحديات كبيرة." وبيّن أن "التحديات تتمثل بـالفساد الإداري، والتهرب الجمركي، بسبب ضعف الرقابة في بعض المنافذ، فضلًا عن تعقيد الإجراءات ونقص الكوادر المدرّبة." الذي يؤدي بحسبه إلى تأخير إجراءات التخليص الجمركي، ويقلل من دعم المنتج المحلي في ظل المنافسة مع البضائع المستوردة. زيادة الإيرادات وكانت وزيرة المالية أعلنت، في شهر أيار الماضي، تحقيق زيادة ملحوظة في الإيرادات الجمركية بعد تطبيق نظام أتمتة الجمارك (أسيكودا)، بلغت أكثر من 59.7 مليار دينار. وقالت سامي: إن "الإيرادات الجمركية قبل تطبيق نظام أسيكودا بلغت 375.6 مليار دينار، فيما ارتفعت بعد التطبيق إلى 435.4 مليار دينار، أي بزيادة قدرها 59.7 مليار دينار." وأضافت أن "الهيئة العامة للجمارك طبقت نظام (أسيكودا) في 15 مركزًا جمركيًا، شملت كلًا من: جمرك الشحن الجوي، والميناء الجاف، وصالة مطار بغداد الدولي، وجمرك ساحة الترحيب الكبرى، وطريبيل، وسفوان، وعرعر، وأم قصر الأوسط، وأم قصر الجنوبي، ومطار كركوك، وزرباطية، والمنذرية، ومندلي، والشيب، والشلامجة."