السياحة الدينية في العراق.. "الاقتصاد الشعبي" يدعم أصحاب المشاريع الصغيرة والموسمية

اقتصاد

السياحة الدينية في العراق.. "الاقتصاد الشعبي" يدعم أصحاب المشاريع الصغيرة والموسمية
100%

علي الدفاعي - تصوير: خضير العتابي /

تشكل السياحة الدينية في العراق أحد أبرز الروافد الاقتصادية غير النفطية، التي تمتلك قدرة كبيرة على دعم الاقتصاد الوطني وتنشيط الحركة التجارية والخدمية في البلاد. فالعراق يضم بين جنباته أهم العتبات والمقامات الدينية التي تستقطب ملايين الزائرين سنويًا من داخل البلاد وخارجها، ولاسيما خلال المناسبات الكبرى مثل زيارة الأربعين والزيارة الشعبانية. هذه الأعداد الهائلة لا تُسهم فقط في إحياء الجانب الروحي، بل تخلق أيضًا فرص عمل واسعة وتدفع بعجلة السوق في قطاعات مثل النقل، والإيواء، والغذاء، والحِرَف، والتجارة. كما تسهم بشكل مباشر في تحريك الاقتصاد الشعبي ودعم أصحاب المشاريع الصغيرة والموسمية. رزق دائم أبو زيدون كريم الطائي، (صاحب بسطية)، رجل خمسيني من سكنة أطراف كربلاء المقدسة، تحدث لـ" الشبكة العراقية" قائلًا إن حياته تغيّرت بالكامل خلال السنوات الأخيرة بفضل الزائرين، إذ كان سابقًا عامل بناء بالأجر اليومي، لكنه بدأ قبل سبع سنوات بفرش (بسطيّة صغيرة) يبيع فيها قناني الماء، والشاي، والقداحات، أيام الزيارات، وخصوصًا زيارة الأربعين. يضيف "في البداية كانت تجربة بسيطة، لكن يومًا عن يوم أصبح الربح أحسن من عملي السابق.. فتركت العمل باليومية وصرت أجهز للبسطية قبل كل موسم زيارة بشهر أو شهرين، واليوم أصبح عندي رزق ثابت خلال المواسم الدينية، حتى استثمرت الأرباح في الأيام العادية." زوجته، أم زيدون، بدأت قبل ثلاث سنوات مشروعها الخاص بصناعة المعجنات و(الكليچة) تبيعها للزائرين. تحضّرها في بيتها وتزوّد بها المواكب وبعض المحال القريبة من الحرم الحسيني. تقول أم زيدون لـ"الشبكة العراقية": "هذه الزيارات المليونية أصبحت تفتح بيوتًا، وأرباح الزيارة تكفيني لشهرين أو ثلاثة." كما يتحدث أبو زيدون عن أحد أولاده، زيدون (21 سنة)، الذي بدأ هذا العام بتأجير عربات صغيرة لنقل الزائرين داخل المدينة القديمة خلال الزيارة المليونية، بالقول "اشترى زيدون عربتين مستعملتين، وقام بتنظيفهما، وتأجير الواحدة بـ2000 دينار للراكب الواحد، حسب الزخم.. والناس تدفع، لأن المشي طويل والشمس حارة." حسب كلامه. المواسم الدينية في هذه الأثناء، أكد نقيب السياحيين العراقيين، د. محمد عودة العبيدي، أن "السياحة تُمثل عاملًا مؤثرًا ومهمًا في اقتصاديات البلدان، ولاسيما السياحة الدينية التي يزخر بها العراق بمقدساته المتنوعة." مشيرًا إلى أن هذا "النوع من السياحة يمكن أن يحقق قيمة اقتصادية كبيرة في حال توفر البنى التحتية والخدمات التكميلية اللازمة." وأوضح العبيدي لـ"الشبكة العراقية" أن "العراق يستقبل أعدادًا متزايدة من الزائرين الدينيين على مدار العام، الأمر الذي يستوجب توفير شبكة أوسع من الفنادق ووسائل النقل والمطارات ومحطات النقل بأنواعها، فضلًا عن تطوير الكراجات الخاصة بالنقل البري وفق أحدث وسائل الراحة." وبيّن النقيب أن "الزائر الديني يستهلك العديد من الخدمات، بدءًا من التأشيرة ومنافذ الدخول، وصولًا إلى تنقله نحو المواقع الدينية، ما يعزز تشابك القطاع السياحي مع قطاعات أخرى كالنقل، والغذاء، والصحة، والصرافة، والتجارة." مشيرًا إلى أن "هذه الحاجات المتنوعة تخلق فرصًا اقتصادية محلية من خلال ما يُنفقه الزائر على تلك الخدمات". وتطرّق العبيدي إلى المواسم الدينية الكبرى، كزيارة الأربعين، والزيارة الشعبانية، معتبرًا أنها تشكل حركة تجارية نشطة في المدن المقدسة، وتفوق من حيث الأعداد والتنظيم زيارات الحج في بعض الدول المجاورة. إلى ذلك، صرّح الخبير الاقتصادي حيدر الشاهين بأن "المواسم الدينية، ولاسيما زيارة الأربعين والزيارة الشعبانية، تمثل فرصة اقتصادية موسمية مهمة لأصحاب البسطيات والباعة المتجولين في المدن المقدسة، خصوصًا كربلاء المقدسة، حيث يُسجل ارتفاع ملحوظ في حجم المبيعات اليومية مقارنة بالأيام الاعتيادية." وأوضح الشاهين لـ"الشبكة العراقية" أن "دخل أصحاب البسطات قد يرتفع بنسبة تتراوح بين 200 إلى 300 % خلال أيام الزيارة." مشيرًا إلى أن "هذا الارتفاع يعود إلى تزايد أعداد الزائرين، والطلب المتزايد على مجموعة من السلع والخدمات التي ترتبط بالحاجات اليومية والسياق الديني للزيارة." رؤية ستراتيجية بدورها، صرّحت الخبيرة الاقتصادية بان الجزائري بأن "السياحة الدينية في العراق تمتلك كل المقومات التي تؤهلها للتحول من طقس موسمي إلى مشروع استثماري مستدام طويل الأمد."، مؤكدة أن "حجم الزخم البشري والتدفق السنوي للزائرين يشكّل أساسًا اقتصاديًا يمكن البناء عليه." وأضافت لـ"للشبكة العراقية" أن "ما ينقص العراق حاليًا لتطوير هذا القطاع هو الرؤية الستراتيجية المتكاملة." مؤكدة الحاجة إلى "خطط مدروسة تجمع بين تأهيل البنى التحتية، وتنظيم المواسم، وخلق بيئة استثمارية مشجعة، وتفعيل دور القطاع الخاص." وأشارت إلى أن "الزيارات المليونية تُدار حاليًا كأحداث أمنية وخدمية، لا كفرص اقتصادية قابلة للنمو، وهو ما يحصر تأثيرها ضمن إطار مؤقت وموسمي فقط." وأكدت الجزائري أن الاستثمار في السياحة الدينية لا يقتصر على الفنادق والمطاعم، بل يمكن أن يمتد إلى الخدمات الذكية، والنقل الحديث، والبنى التحتية الرقمية، والمناطق التجارية، والصناعات الحرفية المرتبطة بالهوية الدينية والثقافية. وقالت: "بإمكاننا أن نخلق منظومة اقتصادية متكاملة حول الزائر، تبدأ من التأشيرة وتنتهي بالهدايا، مثلما تفعل دول أخرى حول العالم."

إقــــرأ المــــزيــــــــد

العلكة الكردية.. سحر الطبيعة وثمرة الجبال
تحقيقات

العلكة الكردية.. سحر الطبيعة وثمرة الجبال

حين تمتزج الأرض بالتقاليد.. قصة (تنباك الجدول الغربي) الذي يغزو المقاهي
تحقيقات

حين تمتزج الأرض بالتقاليد.. قصة (تنباك الجدول الغربي) الذي يغزو المقاهي

حياة بلا تواصل اجتماعي..  هل مازال في وسعنا أن نعيش في العالم الافتراضي؟
تحقيقات

حياة بلا تواصل اجتماعي.. هل مازال في وسعنا أن نعيش في العالم الافتراضي؟

أرصفة بلا مارة.. كيف تحولت شوارع بغداد إلى غابة من التجاوزات؟
تحقيقات

أرصفة بلا مارة.. كيف تحولت شوارع بغداد إلى غابة من التجاوزات؟

من الورق إلى الكود.. الهوية الجامعية تدخل العصر الرقمي
تحقيقات

من الورق إلى الكود.. الهوية الجامعية تدخل العصر الرقمي

العراق: "الدولة والمجتمع خلال قرن"
تحقيقات

العراق: "الدولة والمجتمع خلال قرن"

أبرز الأخبار

كيفــ ترد على من يحاول التقليل من شأنك؟

كيفــ ترد على من يحاول التقليل من شأنك؟

يارا خضير: أرقص من أجل السلام

يارا خضير: أرقص من أجل السلام

قصة إعدام الفنان صباح السهل

قصة إعدام الفنان صباح السهل

السحر الأسود.. يقلق راحة الموتى والأحياء المتاجرة بأدوات غسل الميت وأعضائه

السحر الأسود.. يقلق راحة الموتى والأحياء المتاجرة بأدوات غسل الميت وأعضائه

صلاح عمر العلي:300 عضو قيادي اختفوا بعد اجتماع قاعة الخلد

صلاح عمر العلي:300 عضو قيادي اختفوا بعد اجتماع قاعة الخلد

رنين تبوني: بالشعر.. اهرب من الواقع !

رنين تبوني: بالشعر.. اهرب من الواقع !

تاريخ ورمزيّة خاتم الزواج

تاريخ ورمزيّة خاتم الزواج