عباس عبد الرحمن /
ضمن خططه الهادفة إلى إعادة هيكلة قطاعه المصرفي، قطع العراق أشواطًا مهمة في تنفيذ هيكلة شاملة لهذا القطاع الحيوي بالاعتماد على شركات استشارية دولية رائدة، بهدف تصحيح مسار المصارف والارتقاء بها إلى مصاف المصارف العالمية . هذه الإصلاحات تأتي في وقت تعاني فيه المصارف العراقية من ترهل وتأخر في مواكبة متطلبات العصر والنهضة الإلكترونية الحديثة. أعلن ذلك الدكتور صالح ماهود، مستشار رئيس الوزراء، على هامش مؤتمر المجلس العراقي البريطاني للأعمال الذي انعقد في لندن مؤخرًا . وبين د. صالح أن الحكومة العراقية قامت باعتماد شركة "إرنست ويونغ" لإعادة هيكلة ستة من سبعة مصارف مملوكة للدولة في البلاد، بما في ذلك المصرف الصناعي، وبنك العقارات، ومصرف الرافدين، ومصرف الرشيد، وهي من كبريات الشركات العالمية المتخصصة بهذه الأمور. من جانبه، وقّع المصرف التجاري العراقي (TBI) عقدًا بشكل منفصل مع شركتي "K2i" و"KPMG" للمساعدة في إعادة هيكلة عملياته الداخلية والخارجية لتلبية المعايير الدولية، خاصة أنه المصرف الأول في التعاملات الخارجية، الحكومية والخاصة، بهدف تنمية وتطوير قدراته في هذا المجال . معايير دولية إلى ذلك، كشف المستشار لشؤون المصارف أن مصرف الرافدين، وهو أكبر مؤسسة حكومية في العراق، سيتم تحويله إلى "مصرف الرافدين الأول " وهيكلته، إلى جانب تقليل نسبة المشاركة الحكومية فيه إلى أقل من 24 في المئة. فيما ستُعرض الأسهم المتبقية على البنوك الخاصة والمستثمرين الدوليين. ومن المتوقع أن يتم الانتهاء من خطة إعادة الهيكلة والموافقة عليها من قبل الحكومة العراقية بحلول نهاية العام الجاري. صالح شدد على أن القطاع المصرفي الخاص سوف تجري عليه إصلاحات بعد توقيع عقد بين البنك المركزي العراقي وشركة "أوليفر وايمان". وستسفر نتائج هذا المشروع، الذي يمتد من عامين إلى ثلاثة أعوام، عن توصيات للبنوك الخاصة، إما للخروج من القطاع، أو الامتثال للمعايير الدولية، أو الاندماج مع مؤسسات أخرى. وأكد "أن العراق حقق تقدمًا كبيرًا في اعتماد أنظمة الدفع الإلكتروني، إذ ارتفعت نسبة الشمول المالي من أقل من 10 % في عامي 2018 - 2019 إلى نحو 40 % حاليًا. ووصل عدد أجهزة نقاط البيع إلى مابين 60,000 - 70,000، بينما زاد عدد الحسابات المصرفية إلى مابين 22 - 23 مليونًا." كما بيّن صالح: إنه ابتداءً من مطلع الشهر المقبل حزيران 2025، ستنفذ جميع المدفوعات الحكومية إلكترونيًا، ما يحظر المدفوعات النقدية عبر المؤسسات الحكومية. مشيرًا إلى أن الحكومة العراقية أطلقت حملات توعية لتشجيع الجمهور على تبني أنظمة الدفع الإلكترونية، والابتعاد عن الثقافة التقليدية القائمة على النقد. برنامج "ريادة" وفي حديثه، أشار صالح إلى أن الحكومة تبنت برنامج "ريادة" بالاشتراك مع البنك المركزي العراقي، لتوفير التمويل والتدريب للمشاريع الصغيرة والمتوسطة. يوفر هذا البرنامج منصة تسجيل يمكن للمشاركين خلالها الوصول إلى التدريب وفرص التمويل المحتملة. وقال إن "العراق سيظل بابه مفتوحًا للاستثمار الأجنبي وخدمات الاستشارة الدولية في جميع القطاعات، بما في ذلك القانونية والمالية والمحاسبة والتدقيق وخدمات الامتثال. إذ تهدف الإصلاحات الحكومية إلى دمج المصارف العراقية في النظام المالي العالمي بعد عقود من العزلة بسبب العقوبات والأصول المجمدة." وتابع أنه منذ تشرين الثاني 2022، تمت معالجة جميع التحويلات المصرفية في العراق من خلال منصة البنك المركزي بالتعاون مع الاحتياطي الفيدرالي للولايات المتحدة، ما يمثل إعادة دخول العراق إلى الأنظمة المالية العالمية. مبيّنًا أن "البلاد تتعاون الآن مع نحو 30 بنكًا خارجيًا، مؤكدًا، في الوقت نفسه، أنه بالرغم من ذلك فإن التحديات لا تزال قائمة في فتح علاقات مصرفية دولية." وأضاف صالح في نهاية حديثه أن "الإصلاحات المصرفية الشاملة تمثل تحولًا كبيرًا نحو المعايير الدولية وزيادة مشاركة القطاع الخاص في القطاع المالي العراقي." مختتمًا بالقول إن "القطاع المصرفي العراقي ينتظره مستقبل زاهر عند الانتهاء من عمليات الهيكلة والإصلاح."