مها المرسومي: المذيع ليس محققًا أمنيًا!

حوار / محسن العكيلي تصوير/ سعد سليم بين الإذاعة والتلفزيون، صوتٌ لن تخطئه الأذن العراقية، وحضورٌ طالما حمل معه هيبة الكلمة وأصالة الأداء. إنها الإعلامية مها المرسومي، واحدة من وجوه الإعلام العراقي التي حفرت اسمها في ذاكرة المشاهدين والمستمعين منذ تسعينيات القرن الماضي وحتى اليوم. في هذا الحوار، تستعرض المرسومي رحلتها الطويلة في الإذاعة والتلفزيون، وتفتح ملفات الإعلام الحالي، مؤكدة أن "الالتزام والانضباط والمعرفة" هي المفاتيح الحقيقية التي تصنع المذيع. * بين زمنين، كيف كانت رحلتك في عالم الإذاعة والتلفزيون؟ -اعتمدنا على الاجتهاد الذاتي والدورات التدريبية، وكنا نتعلم من خبرة من سبقونا في هذا المجال. اليوم، للأسف، نفتقد إلى كثير من تلك المقومات، فالغالبية يفتقرون إلى الموهبة والتخصص، ناهيكم عن اللغة والحضور. منذ سنين عمري الأولى، كنت أتابع التلفزيون بشغف، وعندما تقدّمت للعمل الإعلامي خضعت لاختبار أمام لجنة مكونة من الكبار: مثل حسين حافظ، وغازي فيصل، ونجم عبد الكريم، وطارق الحمداني. من بين أكثر من مئة متقدم، جرى اختيار خمسة فقط، وكنت واحدة منهم. عملتُ بجد، وجرى اختياري لاحقًا كمذيعة تلفزيونية، وكنت آخر مذيعة من جيل ما قبل 2003. * كيف كانت عودتكِ للعمل بعد سقوط النظام البائد؟ -في 2003، اختارتني الإعلامية شميم رسام لأكون أول مذيعة أخبار في شبكة الإعلام العراقي. ومنذ ذلك الحين، ما زلتُ أعمل في الإذاعة مذيعة نشرات أخبار. أود أن أشير هنا إلى أن الالتزام من أهم صفات المذيع، مهما بلغ من مكانة أو سنوات خدمة. فالمذيع الحقيقي هو الذي يجدد أدواته باستمرار، ويواكب التغيرات في عالم الإعلام. * ألا تجدين أن واقع الإعلام اختلف كثيرًا عن السابق؟ -بكل تأكيد، مع احترامي وتقديري لكل الزملاء، إلا أن البعض بات يبحث عن اختصارات، خصوصًا في البرامج السياسية، متجاوزًا شرط التخصص والخبرة. أعتب بشكل خاص على بعض القنوات الأهلية التي لا تُخضع المذيعين لأية اختبارات، بينما في شبكة الإعلام العراقي هناك اختبارات ودورات مكثفة في الإلقاء والنطق والثقافة العامة. * ما رأيك باستخدام بعض المذيعين اللغة الدارجة أو مصطلحات غير لائقة؟ - للأسف، هذا موجود، وهناك من يخرج عن نطاق الحوار ليتحول إلى ما يشبه التحقيق الأمني! المذيع ليس محققًا، بل محاور، ويجب أن يلتزم بمحاور البرنامج واحترام الضيف. ما يحدث أحيانًا هو بحث عن (الطشة) عبر أساليب لا تليق بالإعلام المحترم. * لاحظنا أيضًا أن بعض المذيعين يستخدمون لكنات غير عراقية، ما رأيك؟ - أجل، وهو خطأ كبير. هناك من يتحدث بلكنة لبنانية أو سورية في البرامج، وهذا غير مقبول. أذكر أنني شاركت في دورات تدريبية خارج العراق، وكان المدربون العرب يجمعون على أن اللهجة العراقية هي الأجمل والأدق في مخارج الحروف. لذلك، أنا لا أؤيد إطلاقًا من يلجأ إلى تقليد لهجات غير لهجته. * ما رأيك بالمنتديات الإعلامية المنتشرة مؤخرًا؟ هل تقدم شيئًا حقيقيًا للإعلاميين؟ -لا أعتقد أن تلك المنتديات تضيف للإعلامي شيئًا. لم أسمع يومًا أن إعلاميًا استفاد منها ماديًا أو معنويًا. النقابة والمؤسسات الإعلامية الرسمية هي الجهات التي يجب أن تحتضن الإعلاميين وتدعمهم. * ربما لا يعرف كثيرون أنكِ خضتِ تجربة التمثيل أيضًا؟ -بالفعل، تلقيت عروضًا كثيرة في المسرح والتلفزيون، وشاركت في أعمال متنوعة مثل مسلسل (أمَرلي)، و(دنيا الورد)، و(أقوى من الحب)، و(انفصال) مع إيناس طالب، وكذلك في مسرحية (أمثال) مع الفنان مقداد مسلم. أعتبرها تجارب مميزة، أضافت لي الكثير. * بعد هذه الرحلة الطويلة، ما الرسالة التي تودين إيصالها؟ -أود أولًا أن أحيي كل زملائي الإعلاميين، خاصة من عاشوا فترات عصيبة. كما أوجه نداءً من خلال مجلتكم المحترمة إلى الجهات المعنية أطالب فيه بإقرار قانون رفع سن التقاعد للإعلاميين، فهناك من يمتلكون خبرة كبيرة وما زال بإمكانهم العطاء. كما أطالب إدارة شبكة الإعلام العراقي بالاستفادة من هذه الطاقات حتى بعد الإحالة إلى التقاعد، لأن الخبرة لا تُقدَّر بثمن.