ياسر المتولي /
أطلق البنك المركزي العراقي الستراتيجية الوطنية للشمول المالي الأولى للفترة 2025 – 2029. التي تضمنت إطارًا متكاملًا للشمول المالي بهدف تمكين جميع الأفراد والشركات من الوصول إلى القطاع المالي واستخدام خدمات مالية مناسبة وآمنة مع حماية حقوقهم، بما يسهم في التنمية الاقتصادية والاجتماعية. ويولي البنك المركزي العراقي اهتمامًا كبيرًا بتعزيز الشمول المالي في العراق، فضلًا عن التعاون على المستويات الإقليمية والعربية والدولية. لذلك فان ستراتيجية الشمول المالي تحظى باهتمام دولي كبير، كونها تنسجم مع الممارسات الدولية المعمول بها، وطبقًا لشروطها . وتعد الستراتيجية الوطنية للشمول المالي في العراق للسنوات 2025 - 2029 خطوة محورية نحو تعزيز الاستقرار المالي وتحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة، كما تهدف إلى توسيع نطاق الوصول بالخدمات المالية الرسمية إلى جميع فئات المجتمع، خصوصًا الشرائح الفقيرة والمهمشة كذوي الدخل المحدود لكلا الجنسين: النساء، والشباب. من المفيد هنا الإشارة إلى أن الستراتيجية تتضمن محاور رئيسة عدة، أبرزها: تطوير البنية التحتية الرقمية للمدفوعات، إلى جانب تعزيز الثقافة المالية، وكذلك دعم الابتكار المالي، وتحسين البيئة التنظيمية لتشجيع الاستثمار في القطاع المالي. كما تسعى إلى توسيع قاعدة استخدام الخدمات المصرفية والتقنيات المالية الحديثة، ما يسهم في تقليل الاعتماد على النقد وتحقيق الشفافية المالية. كذلك فإن أهمية هذه الستراتيجية تتلخص في قدرتها على دفع عجلة الاقتصاد الوطني .لكن مع كل هذه الامتيازات المهمة التي يحققها الشمول المالي هناك تحديات كبيرة تواجه القطاع المصرفي العراقي وتعيق إمكانياته وقدرته على تنفيذ برامج الستراتيجية. ويمكن إدراج أبرزهذه التحديات بهيئة تساؤلات تتطلب الإجابات الشافية عنها . كيف تتمكن المصارف من تنفيذ هذا البرنامج الطموح في ظل استمرار العقوبات على أغلب المصارف الخاصة؟ إذ إن العقوبات تعيق التنفيذ وهنا يبرز تناقض واضح . صحيح أن كثرة المؤتمرات تعد مؤشرًا صحيًا لتحفيز ورسم رؤية ستراتيجية لمستقبل قطاع مصرفي ومالي سليم يتوافق مع المعايير المصرفية الدولية، وعلى وفق قواعد الامتثال وإدارة المخاطر وتطبيق الحوكمة المؤسساتية الصحيحة، لكن نجاح هذه الستراتيجية يتطلب في الوقت نفسه تنسيقًا عاليًا بين البنك المركزي العراقي والوزارات المعنية والمؤسسات المالية، بالإضافة إلى القطاع الخاص ومنظمات المجتمع المدني، بما يسهل تنفيذ بنود الستراتيجية، وهذا الهدف المشترك يتطلب تحقيق بيئة مستقرة وآمنة. ولكن، على سبيل المثال، فإن استمرار العقوبات سيظل مؤشرًا على إعاقة السير بالستراتيجية. كذلك سيبقى تحديد مصير المصارف، التي تنتظر تقرير شركات التقييم العالمية المعنية بالتصنيف، في وقت حدد بنهاية الشهر السادس، إذ ستقوم شركة (أوليفر واي مان) بتحديد مسيرة المصارف الأهلية، وذلك بتوقيع اتفاقية وتعهد بالموافقة على تنفيذ التوصيات، ولا يعرف بعد مامصير المصارف في ذات الوقت، في وقت تؤكد الستراتيجية على ضرورة شمول وتوسيع فتح الحسابات، فكيف يتسنى للمصارف تحقيق ذلك؟ كل ذلك يتوقف على النتائج المرجوة، فمن أجل ذلك نقول إن هناك تحديات تتطلب الإجابات الوافية، التي تحدد مدى نجاح تنفيذ هذه الستراتيجية المهمة فعلًا. انها ستراتيجية متكاملة كبيرة في الشمول المالي.. والشمول المالي الرقمي، ولكن بحاجة في الوقت نفسه إلى توافر سوق مصرفي محوكم وشفاف وبيئة عمل متكاملة ومستقرة.
