100%
زياد العاني
يعد غلاف الكتاب من العناصر المهمة والأساسية، و يسهم شكله وتصميمه الجذاب في زيادة مبيعات الكتاب، وخاصة حين يحتوي على عناصر وقيم فنية وجمالية مدروسة تلائم المضمون. كثيراً ما نجد كتباً مهمة في محتواها، إلا أن اختيار الغلاف يكون غير موفق، ما يتسبب بخلاف بين المؤلف ودار النشر، فلوحة الغلاف يمكن لها أن تكون مكملة لفكرة الكتاب، أو قد تؤثر عليها سلباً.
تحدث القاص والروائي زيد الشهيد عن هذه المعادلة الصعبة، التي يمكن لها ان تؤثر على تسويق الكتاب سلباً أو إيجاباً وقال: "إذا كان العنوان هو العتبة الأولى المهمة للإقبال على الكتاب وقراءته، فإن غلاف الكتاب لا يقل أهمية عن عنوانه. من هنا يتوخّى مؤلف الكتاب ويسعى لأنْ يكون غلاف كتابه يتوافق ومضمون محتوى الكتاب. وتلك مهمة ينبغي على الناشر أخذها بعين الاعتبار. يأتي هذا بالتواصل مع الكاتب والأخذ برأيه. لكن كثيراً ما يتصرف الناشر من طرف واحد، دون الاتصال والتداول مع الكاتب، وهو ما يُعد ارتكاباً مؤذياً للكاتب الذي سيشعر بالغصّةِ والحيف حين يرى الكتاب بعد صدوره بغلاف ليس الذي رسمه في مخيلته، ما يشكِّل طعنة لا يُشفى منها.."
وعن تجربته مع دور النشر، حيث أصدر كتباً تجاوزت الخمسة والعشرين قال: "سعيت أن أختار بنفسي صورتي الغلاف، الأمامية والخلفية، وأتدخل في عملية إخراج الكتاب، كيف تكون الصورة في الغلاف الأمامي وكيف تكون في الغلاف الخلفي، العنوان بلغة أخرى، الإنكليزية مثلاً، وضرورة وجوده، سواء في الغلاف الأمامي أو الخلفي. كذلك آراء بعض النقاد، أو اقتباس من نص الكتاب في الغلاف الخلفي، وغيرها."
وفي ختام حديثه، وصف دور النشر بأن أغلبها لا يعطي الاهتمام الكامل لموضوعة إخراج الكتاب، ولا يضع في حسبانه الجذب المُفترض الذي يعد بوابة إغراء القارئ.
قيمة تجارية
ويرى الشاعر والروائي سعد السمرمد أن الأدب يعد ترفاً فكرياً، وأن الغلاف ضمن ماهيات ذلك الترف وأصنافه، وقال عن الغلاف: "عندما ننظر إلى الكتاب ونتصفحه، نراه يحمل قيمتين متنافرتين، إحداهما فكرية وأخرى تجارية، إذ إن الأغلفة تدخل ضمن القيمة التجارية. تمتاز بعض الأغلفة التي تحتوي على لوحة تشكيلية، بأنها تكون هدفاً مزدوجاً في نظرنا، يتمثل في التعبير الفني عن فحوى الكتاب من ناحية، والمساهمة في نشر الفن التشكيلي. من ناحية أخرى، هناك عناصر جذب استثمرها المسوِّقون في اختيار الأغلفة المبتكرة، إذ أخذوا يركزون على اللون الصارخ واللافت للنظر، ولكن يُنصح الوقوف بقصدية على عناصر التصميم الأساسية، وأهمها البساطة، لأنها تعد المفتاح الرئيس لصناعة الجذب."
وعن مفارقة حدثت معه، قال إنني "صدمت حين علمت أن غلاف أحد كتبي مكرر في كتب أخرى ولدار النشر نفسها، لذا ارتأيت بعدها وفضلت أن أختار غلافاً مبتكراً أقدمه للدار مع تقديم أي كتاب جديد للطباعة.."
لمسة خاصة
أما الكاتب والصحفي عبد الأمير المجر، فتحدث عن تجربته التي عمل خلالها في دار نشر كبيرة سابقاً، وعلاقاته بدور نشر أخرى في أثناء نشر كتبه قائلاً: "وقفت على جوانب مهمة من هذه المسألة التي تقلق كل صاحب كتاب، وهو ينتظر صدوره بغلاف جيد وإخراج جميل.. فالكثير من المشكلات التي تحدث بين المؤلفين ودور النشر سببها هذه الجزئية المهمة، كون بعض دور النشر، أو أغلبها، لم تعتمد فنانين متخصصين بهذا المجال، وتعطيهم خلاصة عن فكرة الكتاب لكي يكون الغلاف محاكياً لها، وأيضاً ليس كل فنان يمكن أن يكون مصمماً للأغلفة، لأن المصمم يستثمر اللوحة ويوظفها، إن كانت مناسبة طبعاً، ولايكتفي بها، فالغلاف له لمسة خاصة، يجيدها المصممون وحدهم." وأضاف "تحرص بعض الدور على محاكاة فكرة الكتاب بطريقة مباشرة، بالاعتماد على العنوان، فيأتي الغلاف ساذجاً وغير عميق في دلالته. " مشيراً أن بعض المؤلفين يرون لوحة فنية، سواء في النت أو غيره، فيعجبون بها، ويرغبون في أن تكون غلافاً لكتبهم، التي قد لاتكون لها علاقة بمقولة اللوحة ورسالتها."
وختم (المجر) حديثه بنصيحة لدور النشر وقال: "يجب أن تعتمد الدور الرصينة فنانين متمرسين في هذا المجال، وعدم ترك الأمر لاجتهادات قد تصيب الكتاب في مقتل، إذا ما جاء غلافه رديئاً أو غير معبّر.. وكثيراً ما حصل هذا.".
لعبة التصميم
اما الفنان سمير مرزة، باعتباره مصمماً لأغلفة الكتب، فتحدث حول هذا الموضوع قائلاً: "عندما تناط بي مهمة تصميم غلاف كتاب، في أي مجال كان، فإن أول ما أقوم به هو قراءة ملخص لمحتوى الكتاب، لأعرف عن ماذا يتحدث المطبوع، أو ما يريد المؤلف إيصاله إلى القارئ من خلال نصّه، سواء كان ذلك رواية، أو مجموعة شعرية، أو كتاباً أدبياً أو فنياً أو علمياً، او غير ذلك من التخصصات. ثم بعدها أحاول التواصل مع المؤلف قدر الإمكان لنتحاور ونناقش محتوى الكتاب، لنصل إلى رؤية بصرية مشتركة للإخراج النهائي للكتاب بشكل عام والغلاف بشكل خاص."
وأكد مرزة أن غلاف أي مطبوع هو أول النصوص البصرية، ومدخل مؤثر إلى موضوعه، بل ربما يعود تسويق واقتناء كثير من القراء لكتابهم المفضل نتيجة إعجابهم بجمالية وتصميم غلافه. وفي نهاية حديثه قال: "أصبحت لتصميم أغلفة الكتب أهمية كبيرة في زيادة مبيعاتها والعكس صحيح، وهذا ما أشار إليه مختصون في مجال المطبوعات، ولذلك صار المؤلف وأصحاب دور النشر حريصين على البحث عن مصممين يجيدون اللعبة ويجيدون وضع تصاميم تحاكي محتوى الكتاب، وفي الوقت ذاته تحمل سمات جمالية متقنه تدفع القارئ لاقتنائه.".