تدفقات صناديق الاستثمار تسببت بارتفاعه كيف يتأثر الذهب في العراق بأسعاره العالمية؟

مصطفى الهاشمي / تُعد أسعار الذهب من العوامل الاقتصادية المهمة التي تؤثر كثيراً في الأسواق المالية، ليس على المستوى العالمي فحسب، بل على المستوى المحلي في العراق أيضاً، إذ يعد الذهب سلعة اقتصادية ستراتيجية، ويستخدم مخزوناً للقيمة ووسيلة للاستثمار الآمن. شهدت أسعار الذهب العالمية ارتفاعًا ملحوظًا في الربع الأول من العام الحالي، ما انعكس على أسعاره في أسواقنا المحلية، إذ بلغ سعر الغرام الواحد من الذهب (عيار 21)، الأكثرُ رواجاً، 123 ألفًا و489 دينارًا، بينما بلغ عيار 24 منه 141 ألفًا و130 دينارًا، فيما تؤكد البيانات التحليلية استمرار هذا الارتفاع بسبب حلول عيد الأضحى المبارك. كما شهد احتياطي البنك المركزي العراقي من الذهب ايضاً ارتفاعًا في الفترة الأخيرة، إلى ما قيمته 17.83 تريليون دينار في الربع الأخير من العام 2024، مقارنةً بـ 12.29 تريليون دينار في العام 2023، ما يمثل زيادة بنسبة 45.1 %، وهذه الزيادة جاءت نتيجة ارتفاع كمية الذهب وأسعاره، ما يعزز الاستقرار الاقتصادي والمالي في البلد. وبالأطنان، بلغ احتياطي العراق من الذهب 162.64 طن في الربع الرابع من عام 2024، بعد أن كان 152.72 طن في الربع الثالث من نفس العام، محتلًا المركز الرابع عربيًا، كونه يُعد من بين الدول العربية الأعلى احتياطيًا من الذهب. عالميًا ومحليًا يقول أستاذ الاقتصاد الكلي في كلية الإدارة والاقتصاد/ جامعة بغداد، الدكتور سفيان صالح خلف: "ترتبط أسعار الذهب في العراق ارتباطًا وثيقًا بأسعار الذهب العالمية، حيث يتم تحديد السعر المحلي بناءً على السعر الدولي، إضافة إلى عوامل أخرى، مثل سعر صرف الدولار وحجم الطلب المحلي، مبيناً أن أي ارتفاع في أسعار الذهب عالميًا، ينعكس بشكل مباشر على السوق العراقية، حيث يرتفع سعر الذهب للمستهلكين والتجار في البلد. يضيف (خلف) في حديثه لـ (الشبكة العراقية): من ناحية أخرى، "عندما تنخفض أسعار الذهب عالميًا، تتأثر السوق العراقية أيضًا بهذا التراجع، ما يؤدي إلى انخفاض سعر الذهب محليًا." موضحاً أن "سرعة وتأثير هذا التغيير يعتمدان على العوامل المحلية، مثل الأوضاع الاقتصادية في البلد، ومدى استقرار سعر صرف الدولار مقابل الدينار". مجلس الذهب وبحسب آخر تقرير صدر عن مجلس الذهب العالمي، فقد ارتفع الطلب على الذهب بشكل ملحوظ مسجلًا رقمًا قياسيًا في الربع الأول من العام الحالي، وكان ارتفاع تدفقات صناديق الاستثمار المتداولة (ETFs) عاملًا محوريًا في ارتفاع سعر الذهب. وأوضح التقرير الذي تابعته (الشبكة العراقية) ارتفاع إجمالي الطلب على الذهب في الربع الأول (بما في ذلك الاستثمارات خارج البورصة) بنسبة 1 % على أساس سنوي ليصل إلى 1,206 أطنان، وهو أعلى مستوى له في الربع الأول منذ العام 2016، إذ أدى انتعاش حاد في تدفقات صناديق الاستثمار المتداولة إلى زيادة إجمالي الطلب الاستثماري بأكثر من الضعف ليصل إلى 552 طنًا (+ 170 % على أساس سنوي)، وهو أعلى مستوى له منذ الربع الأول من العام 2022. العوامل المؤثرة من جهتها، ترى الأكاديمية الاقتصادية الدكتورة سها جمال مولود أن "الأسعار العالمية للذهب تعد المحدد الرئيس لسعر الذهب في العراق، إذ يجري تداول الذهب في الأسواق العالمية وفقًا للعرض والطلب، والعوامل الاقتصادية، مثل التضخم وأسعار الفائدة والسياسات النقدية". وتضيف (مولود) في حديثها لـ (الشبكة العراقية): "من العوامل المؤثرة في سعر الذهب في أسواقنا هو سعر صرف الدولار، نظرًا لأن الذهب يجري شراؤه بالدولار الأميركي، فإن أي تغير في سعر صرف الدولار مقابل الدينار يؤثر في تكلفة استيراد الذهب، وبالتالي يؤثر على أسعاره في الأسواق المحلية." مشيرة إلى أن "الطلب المحلي على الذهب يُعد أحد العوامل الرئيسة في تحديد أسعاره في العراق، إذ يزداد الطلب عليه خلال المناسبات والأعياد، كما يلجأ إليه بعضهم كوسيلة لحفظ الأموال في ظل عدم الاستقرار الاقتصادي، إلى جانب التوترات السياسية والاقتصادية، إذ تؤثر الأوضاع السياسية والاقتصادية بشكل كبير على أسعار الذهب، حيث يُنظر إلى الذهب على أنه ملاذ آمن في أوقات الأزمات، ما يؤدي إلى زيادة الطلب عليه وارتفاع الأسعار". وتؤكد مولود أنه "في ظل التقلبات المستمرة في أسعار الذهب، يجب على المستثمرين والمستهلكين في العراق متابعة التغيرات في الأسواق العالمية والمحلية لضمان اتخاذ قرارات مالية سليمة، ويُفضل شراء الذهب خلال فترات انخفاض الأسعار العالمية، مع الأخذ في الاعتبار تقلبات سعر الصرف والعوامل الاقتصادية المحلية، ففي النهاية، تبقى أسعار الذهب في العراق مرتبطة بشكل وثيق بالأسواق العالمية، وتعتمد على العديد من العوامل الداخلية والخارجية التي يجب مراقبتها عن كثب لضمان تحقيق أقصى فائدة ممكنة من الاستثمار في الذهب". تباين الأسعار بدوره، قال أستاذ الاقتصاد في وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، الدكتور علي محمود: "تكمن الأسباب الحقيقية وراء وجود بعض التباين في أسعار الذهب في الأسواق المحلية، إذ يحصل هذا فقط إذا كان الارتفاع في سعر الذهب نفسه، وليس في سعر المصنعية المضافة (أجور الصياغة)". وأضاف (محمود) في حديثه لـ (الشبكة العراقية) أن "جميع أصحاب محال بيع الذهب يعتمدون الأسعار العالمية التي تنشرها وسائل اعلام متخصصة، وبطريقة حسابية خاصة بهم، وبفرق تحويل السعر من الدولار إلى الدينار العراقي، تخرج أرقام يعتمدونها في تحديد سعر مثقال الذهب". ويرى أن "السعر الذي تعلنه تلك الوسائل يكون (بالأونصة)، التي تعادل أقل من المثقال بقليل، وبالتالي فإن العملية الحسابية تشمل تحويل الوزن والسعر إلى السعر العالمي للدولار قبل أن يباع بالعملات المحلية لأية دولة في العالم، لأن النظام الاقتصادي العالمي يغطي الذهب بالدولار، فحتى إن كانت عملة ذلك البلد أقوى من الدولار، فإن التحويل يجب أن يكون إلى الدولار أولًا واخيرًا". وتابع (محمود)بالرغم من أن البنك المركزي يبيع الذهب للصاغة المجازين على شكل حصص، فإن غالبية الصاغة، أو أصحاب محال بيع الذهب، لا يتفقون على سعر قطعي وثابت، لسببين، الأول رغبتهم في الربح، والثاني قد يكون لإخلاصهم وحبهم لمهنة الآباء والأجداد، ما ينتج بالتالي هذا الفرق، كما يحق للصائغ أن يزيد سعر (المصنعية) كما يشاء، ولكن لا تحق له زيادة أسعار الذهب الخالص."