حوار: سجى رشيد - تصوير : حسين طالب /
أطلقت الحكومة العراقية منصتي (إنجاز) و(عين العراق) في إطار جهودها لتعزيز الشفافية والرقابة على تنفيذ المشروعات الحكومية. وتوفر المنصتان واجهة رقمية متقدمة تتيح للمواطنين والمسؤولين، على حد سواء، متابعة مراحل العمل في المشروعات التنموية، من التخطيط وحتى الإنجاز، ما يسهم في الحد من الفساد وتسريع وتيرة الإنجاز عبر أدوات تقييم ومراقبة لحظية تعتمد البيانات والتقنيات الحديثة. في خطوة تهدف إلى ترسيخ التحول الرقمي في الإدارة الحكومية وتعزيز الشفافية والرقابة على تنفيذ المشروعات، أطلقت الحكومة العراقية تلك المنصتين بتاريخ 12 شباط 2025، بإشراف هيئة المستشارين في رئاسة مجلس الوزراء، ومن خلال فريق عمل متخصص برئاسة الدكتور وسام هادي، عضو هيئة المستشارين ورئيس فريق منصة (إنجاز)، وبالتعاون الفني مع شركة (تقدم العراق لتكنولوجيا المعلومات والبرمجيات المحدودة). وقد جرت استضافة المنصتين في مركز البيانات الوطني التابع للأمانة العامة لمجلس الوزراء. في حديث خصّ به "الشبكة العراقية"، أكد الدكتور وسام هادي أن منصة (إنجاز) تهدف إلى توفير أداة ستراتيجية حديثة تتيح للجهات الحكومية متابعة كافة المشروعات الممولة من الموازنة الاتحادية بشكل ذكي، من خلال عرض بيانات تلك المشروعات على خريطة العراق بحسب القطاعات (الصحية، والتعليمية، والبلدية، وغيرها)، ما يسهل عمليات التخطيط والتنفيذ والتقييم واتخاذ الإجراءات الصحيحة اللازمة. أما منصة (عين العراق)، فهي منصة إلكترونية تفاعلية بين الحكومة والمواطن، تعرض المشروعات الحكومية المنجزة، وتلك التي هي قيد التنفيذ، وتفتح المجال أمام المواطنين لإبداء آرائهم ومقترحاتهم بشأن هذه المشروعات، بل وتقديم أفكار لمشروعات جديدة، ما يرسخ مبدأ أن المواطن هو (عين الحكومة)، ومشارك فعلي في التخطيط الحكومي. مراحل العمل وآلية التحديث وفقًا للدكتور وسام، من المخطط أن تمر منصة (إنجاز) بثلاث مراحل رئيسة: المرحلة الأولى تتضمن استكمال رفع بيانات المشروعات الحكومية كافة. أما المرحلة الثانية، فإنها تركز على استخدام تلك البيانات في دوائر التخطيط لدى الجهات المعنية. بينما تستهدف المرحلة الثالثة ربط المنصة إلكترونيًا بجميع المواقع الحكومية، بما يخلق بيئة رقمية متكاملة تسهل العمليات الإدارية وتدعم التحول الرقمي الحكومي. وفي ما يتعلق بآلية تحديث البيانات، أوضح أن فرق منصة (إنجاز) في هيئة المستشارين، بالتعاون مع فرق فرعية في الجهات الحكومية كافة، تقوم بمتابعة وإدخال وتحديث البيانات المتعلقة بكل مشروع. ويجري تدقيق المعلومات من قبل فريق منصة إنجاز المركزي، على أن يجري لاحقًا اختيار عدد من المشروعات لزيارات ميدانية من أجل التحقق من دقة البيانات المعروضة في المنصة مقارنة مع الواقع الفعلي. نحو نظام رقمي متكامل وأشار الدكتور وسام إلى أن الجهات الحكومية تمتلك صلاحيات دخول وإضافة بيانات المشروعات عبر بوابة مخصصة على المنصة، مع إمكانية التعديل والتحديث، ما يخلق نظامًا إلكترونيًا حكوميًا مشتركًا. وهناك رؤية مستقبلية لربط (إنجاز) و(عين العراق) بمنصات وبرامج حكومية أخرى، لتتطور تدريجيًا إلى نظام رقمي متكامل يعزز كفاءة الإدارة الحكومية ويواكب البرنامج الحكومي للتحول الرقمي. الشفافية والرقابة المجتمعية تعد منصة (عين العراق) واحدة من المبادرات الحكومية غير التقليدية، التي تهدف إلى تعزيز الشفافية والحد من الفساد. وقد بدأت بالفعل تظهر مؤشرات إيجابية تؤكد مساهمتها في كشف بعض الثغرات وتحسين جودة تنفيذ المشروعات، من خلال إشراك المواطنين في الرقابة المباشرة. فجميع الآراء والملاحظات التي تصل من المواطنين تُحال إلى رئاسة مجلس الوزراء مباشرة. وفي ما يتعلق بالتعاون مع الجهات الرقابية، مثل هيئة النزاهة، أو ديوان الرقابة المالية، أوضح الدكتور وسام أن المنصة في مرحلتها الحالية تركز على الجهات التنفيذية، لكن من المقرر أن يشمل التعاون الجهات الرقابية في المراحل المقبلة. التفاعل مع المواطنين والإعلام توفر منصة (عين العراق) بوابة لتلقي الشكاوى والمقترحات من المواطنين، إذ تُعرض على لجنة مختصة تقوم بدراستها وإرسالها إلى الجهة المعنية لاتخاذ الإجراء المناسب، بشرط أن تكون الشكاوى مدروسة وتخدم الصالح العام. كما يمكن للمواطنين والإعلاميين، من خلال التنسيق مع فريق (إنجاز)، الحصول على بيانات الدخول (اسم مستخدم وكلمة مرور) للاطلاع على نسب الإنجاز الحقيقية للمشروعات المدرجة في المنصة، ما يعزز الشفافية ويمنح الإعلام دورًا فاعلًا في الرقابة المجتمعية. خاتمة تمثل منصتا (إنجاز) و(عين العراق) تجربة رائدة في مسار التحول الرقمي العراقي، تفتح آفاقًا جديدة لمتابعة تنفيذ المشروعات بشكل شفاف وتفاعلي، بمشاركة حقيقية من المواطن، بما يسهم في تحسين الأداء الحكومي وبناء ثقة أكبر بين الدولة والمجتمع.