ليدن باسل.. عراقي يخترق الحواجز نحو العالمية في استعراض البلياردو

تحقيقات

ليدن باسل.. عراقي يخترق الحواجز نحو العالمية في استعراض البلياردو
100%
أربيل/ كولر الداودي في نقطة التقاء نادرة بين الفن والرياضة، يسطع اسم ليدن باسل، الشاب العراقي المنحدر من مدينة أربيل، بوصفه رائدًا جديدًا في عالم استعراض البلياردو، وهو فن دقيق يزاوج بين المهارة التقنية والبراعة البصرية، ويحتاج إلى توازن بين الدقة والخيال الإبداعي. في رحلة مفعمة بالإصرار، أصبح ليدن أول عراقي – بل أول عربي من الشرق الأوسط – يتأهل رسميًا إلى بطولة العالم التي يشرف عليها الاتحاد الأميركي للبلياردو الاستعراضي، في خطوة عدّت بغير المسبوقة في تاريخ هذه الرياضة داخل المنطقة. حلم كبير ليدن لم يكن لاعبًا عاديًا، بل حمل في داخله، منذ سن المراهقة، بذرة تفردٍ مبكر. بدأت قصته مع البلياردو في سن الرابعة عشرة، عندما اقترب لأول مرة من طاولة اللعب في إحدى صالات أربيل. لم تكن لديه آنذاك أدنى فكرة أن هذا الاحتكاك البسيط سيكون نواة مسيرة تمتد عقودًا. في الثامنة عشرة، أحرز ليدن أول ألقابه المحلية كلاعب تقليدي، معتمدًا على نفسه دون مدرب، مكتفيًا بما كان يجده في الفيديوهات والنصائح المتناثرة على المنتديات الإلكترونية. لكن الدراسة الجامعية، إذ إنه تخصص في علوم الأحياء، فرضت عليه التوقف المؤقت. انقطع عن اللعبة لما يقرب من عشر سنوات، قبل أن تعود شرارة الشغف بقوة، ولكن هذه المرة نحو فرع مختلف تمامًا من اللعبة، البلياردو الاستعراضي، ذلك الفن الذي لا يُقاس فيه الفوز بعدد الكرات المُسجّلة، بل بجمالية الأداء، ودهشة الجمهور. منصة الاختبار في مساءات العزلة والتأمل، كان ليدن يشاهد مقاطع استعراضية لنجوم عالميين. جذبته الحركات المركبة، والزوايا المعقّدة، والضربات التي تتحدى قوانين الفيزياء. بدأ يتواصل مع محترفي اللعبة حول العالم، تبادل معهم الأسئلة والملاحظات، ثم أطلق أولى خطواته الجادة في التدريب على الحركات الاستعراضية. "كنت أعتقد أن الأمر بسيط. بدا سهلًا على الشاشة، لكن عندما جربته على الطاولة، وجدت أن كل حركة تحتاج شهورًا من التدريب"، يقول ليدن. لم يكن هناك مدرب محلي في هذا المجال، لذلك ابتكر أسلوبه الخاص. تدريبات مكثفة امتدت من 6 إلى 10 ساعات يوميًا، تكرار لا نهائي، محاولات فاشلة يعقبها تصميم أكبر. أنشأ صفحات على إنستغرام وتيك توك ويوتيوب، بدأ يشارك مقاطع من تدريباته، شيئًا فشيئًا بدأ المتابعون يتزايدون، وبدأ صدى اسمه يصل إلى مجتمعات اللاعبين المحترفين. تأهل تاريخي أراد ليدن أن يختبر نفسه عالميًا، فقرر التقديم للمشاركة في بطولة العالم التي يُشرف عليها الاتحاد الأميركي لفن البلياردو الاستعراضي. الشرط كان واضحًا، إتقان مجموعة محددة من الحركات خلال فترة قصيرة. خاض رحلة تدريب امتدت 8 أشهر، كل يوم كان بمثابة معركة صغيرة بين الجهد والطموح. جرى تقديم الاختبار عبر بث مباشر بالكاميرا. كل ضربة كانت تُحسب بدقة، وكل حركة تحوي تفاصيل يجب تنفيذها بصرامة. نجح ليدن، وأبلغه الاتحاد أنه أول شخص من منطقة الشرق الأوسط يحقق هذا الإنجاز. اختير من بين أكثر من 300 متقدم من أرجاء العالم، وتأهل إلى قائمة تضم 32 لاعبًا فقط. "كانت لحظة لا تُنسى. شعرت بالفخر، لكنني أدركت أيضًا أن الطريق ما زال طويلاً"، يقول بابتسامة عريضة. رغم تأهله، لم يتمكن ليدن من السفر للمشاركة في البطولة التي أقيمت في ولاية ميشيغان الأميركية لأسباب خاصة، إلا أنه يصر على تعويض الفرصة، مؤكدًا أنه سيعود العام المقبل أكثر استعدادًا. جمهور جديد ليدن لا ينظر إلى أن البلياردو الاستعراضي مجرد لعبة، بل رسالة. يقول: "في العراق، لا أحد يعرف عن هذا الفن. أريد أن أكون أول من يفتحه أمام الآخرين. ليس الهدف أن أكون وحيدًا في القمة، بل أن يأتي بعدي كثيرون." ويوضح أن عدد الممارسين لهذه الرياضة حول العالم لا يتجاوز الـ 300 لاعب، ما يجعل كل موهبة جديدة ذات قيمة كبيرة. جيل صاعد بينما يتقدّم ليدن على الساحة العالمية، يبرز في المشهد المحلي نجم آخر، آدم نعيم، لاعب المنتخب الوطني العراقي، الذي لم يمضِ على دخوله عالم البلياردو سوى عام، لكنه حقق إنجازات سريعة، من أبرزها إحراز المركز الأول في بطولة (إكس إنجي) للنخبة، والثالث في بطولة صلاح الدين المفتوحة. يقول آدم: "جذبتني اللعبة لأنها ذهنية، فيها تحليل وخيال. كل ضربة فيها تشبه معركة شطرنج." وبالرغم من أن مسيرته بدأت مؤخرًا، فإنه يحمل طموحًا للوصول إلى بطولات العالم. يضيف: "لدينا طاقات كثيرة، لكن اللعبة تفتقر للدعم الرسمي والإعلامي. نحن بحاجة إلى من يؤمن بنا." صناعة الفارق ومن خلف الكواليس، يقف خليل بهجت، المدرب المخضرم، صاحب صالة تدريب في أربيل، ولاعب دولي سابق حقق مراكز متقدمة في إيطاليا وسوريا. يقول: "أعرف الاستعراض، لكني فضّلت التفرغ للبلياردو التقليدي. ما يفعله ليدن استثنائي، ويستحق كل التقدير." ويكشف بهجت عن مشروع لإنشاء سلسلة صالات تدريب في دول عربية، تهدف إلى تطوير مهارات الشباب، واحتضان الموهوبين في مختلف فروع اللعبة، بما فيها فن الاستعراض. حلم مستمر من طاولةٍ صغيرة في حي أربيلي هادئ، إلى بوابة البطولة العالمية، يسير ليدن باسل بثقة. ليست الكرات وحدها ما يتحرك فوق الطاولة، بل الأحلام. ليست العصا ما توجّه المسار، بل الإرادة. وبينما تتقاطع الخطوط، وتتعقّد الزوايا، يقف ليدن ليعلن: "لا شيء مستحيل على من يؤمن بفنه ويثابر."  

إقــــرأ المــــزيــــــــد

العلكة الكردية.. سحر الطبيعة وثمرة الجبال
تحقيقات

العلكة الكردية.. سحر الطبيعة وثمرة الجبال

حين تمتزج الأرض بالتقاليد.. قصة (تنباك الجدول الغربي) الذي يغزو المقاهي
تحقيقات

حين تمتزج الأرض بالتقاليد.. قصة (تنباك الجدول الغربي) الذي يغزو المقاهي

حياة بلا تواصل اجتماعي..  هل مازال في وسعنا أن نعيش في العالم الافتراضي؟
تحقيقات

حياة بلا تواصل اجتماعي.. هل مازال في وسعنا أن نعيش في العالم الافتراضي؟

أرصفة بلا مارة.. كيف تحولت شوارع بغداد إلى غابة من التجاوزات؟
تحقيقات

أرصفة بلا مارة.. كيف تحولت شوارع بغداد إلى غابة من التجاوزات؟

من الورق إلى الكود.. الهوية الجامعية تدخل العصر الرقمي
تحقيقات

من الورق إلى الكود.. الهوية الجامعية تدخل العصر الرقمي

العراق: "الدولة والمجتمع خلال قرن"
تحقيقات

العراق: "الدولة والمجتمع خلال قرن"

أبرز الأخبار

كيفــ ترد على من يحاول التقليل من شأنك؟

كيفــ ترد على من يحاول التقليل من شأنك؟

يارا خضير: أرقص من أجل السلام

يارا خضير: أرقص من أجل السلام

قصة إعدام الفنان صباح السهل

قصة إعدام الفنان صباح السهل

السحر الأسود.. يقلق راحة الموتى والأحياء المتاجرة بأدوات غسل الميت وأعضائه

السحر الأسود.. يقلق راحة الموتى والأحياء المتاجرة بأدوات غسل الميت وأعضائه

صلاح عمر العلي:300 عضو قيادي اختفوا بعد اجتماع قاعة الخلد

صلاح عمر العلي:300 عضو قيادي اختفوا بعد اجتماع قاعة الخلد

رنين تبوني: بالشعر.. اهرب من الواقع !

رنين تبوني: بالشعر.. اهرب من الواقع !

تاريخ ورمزيّة خاتم الزواج

تاريخ ورمزيّة خاتم الزواج