100%
إعداد وترجمة/ أحمد الهاشم
يعتقد ديميس هسابيس، الرئيس التنفيذي لشركة (ديب مايند)DeepMind ، التابعة لجوجل، الحائز مؤخرًا على جائزة نوبل، أن ثورة الذكاء الاصطناعي ستكون أكبر وأسرع بكثير من الثورة الصناعية التي غيّرت العالم منذ أكثر من قرن ونصف.
في مقابلة أجرتها معه صحيفة (الغارديان) البريطانية في مكاتب جوجل بلندن، يصف هسابيس تأثير الذكاء الاصطناعي الوشيك بأنه إيجابي للغاية، مُبشّرًا بعصر من "الإنتاجية المذهلة" و"الوفرة الجذرية"، لكنه أيضًا محفوف بتحديات ملحة، خاصة فيما يتعلق بمن سيستفيد من هذه الموجة التكنولوجية الجديدة.
رحلة علمية
رحلة هسابيس إلى طليعة العلوم والتكنولوجيا العالمية لافتة بحد ذاتها. مع والد قبرصي يوناني، وأم صينية سنغافورية، وتعليم في مدرسة حكومية في لندن، كسر القالب التقليدي للحائزين على جائزة نوبل، وحصل على الجائزة في الكيمياء عن عمل غيّر بالفعل وجه علم الأحياء.
سمح عمله مع نظام ألفا فولد AlphaFold التابع لشركة ديب مايند DeepMind للعلماء بالتنبؤ ببنية البروتينات وهي مشكلة ظلت بلا حل لعقود وفتح أبوابًا لعلاجات وابتكارات طبية جديدة، وأشيد به كمثال نموذجي لفائدة الذكاء الاصطناعي.
أتمتة العمل الذهني
مثلما غيّرت الثورة الصناعية حياة أجدادنا تغييرًا جذريًا، يقف العالم اليوم على أعتاب تحوّل أكبر مع ثورة الذكاء الاصطناعي.
لكن ما يجعل هذه الثورة مختلفة حقًا هو أنها لن تقتصر على تغيير طريقة عملنا بأيدينا، بل ستغير طريقة تفكيرنا وحل مشكلاتنا، وحتى إبداعنا.
يرى هاسابيس أن السبب الرئيس لتفوّق ثورة الذكاء الاصطناعي على الثورة الصناعية هو السرعة وحجم التحول.
في حين أن الثورة الصناعية استغرقت عقودًا لتغيير الاقتصاد والمجتمع، فإن ثورة الذكاء الصناعي قد تحقق هذه التغييرات في سنوات معدودة.
تتمثل طبيعة التغييرات في إعادة تشكيل العمل، إذ إن الثورة الصناعية أتمتت العمل الجسدي، أمّا الذكاء الاصطناعي فسيؤتمت العمل الذهني والإبداعي، ما قد يؤدي إلى تغير جذري في مفهوم العمل والوظائف.
وستحدث هذه التغييرات بوتيرة أسرع بكثير من الثورة الصناعية.
يتوقع هسابيس أن أنظمة ذكاء اصطناعي، في المستقبل القريب، ستضاهي أو حتى تتجاوز القدرات المعرفية البشرية في غضون خمس إلى عشر سنوات.
هو مؤيد وناقد حذر في الوقت نفسه، يدفع نحو الابتكار لكنه يتمنى لو أن عمالقة التكنولوجيا تحركوا ببطء أكبر للسماح للمجتمع باللحاق بالركب.
ملامح رئيسة
يصف هاسابيس ثورة الذكاء الاصطناعي بأنها تحوّل لم يسبق له مثيل، سينال جميع جوانب حياة الإنسان. فهو يرى أن الذكاء الاصطناعي سيجلب "وفرة إنتاجية هائلة" و"وفرة جذرية"، أي أن المجتمعات البشرية ستنتج ثروات وخدمات بسرعة وكفاءة لا تُصدَّق.
ومن أبرز ملامح هذه الثورة رفع الإنتاجية بشكل هائل، وجعل العديد من البشر غير مضطرين للعمل كما هو الحال الآن، ما يطرح تساؤلات حول توزيع المكاسب الاقتصادية والسلطة في عصر الذكاء الاصطناعي.
لا يقتصر الذكاء الاصطناعي على تسريع الإنتاج فقط، بل يتوقع منه فك ألغاز العلم وتسريع الاكتشافات التي كانت تعتبر مستحيلة من منظور البشر، مثل فهم البروتينات وتطوير أدوية وثورات في مختلف مجالات المعرفة والاقتصاد.
كما أن الذكاء الاصطناعي يتمتع بإمكانيات هائلة في معالجة المعلومات وحل المشكلات، ما يجعله قوة دافعة نحو تغيير جوهري في طريقة عمل البشرية.
وإذا جرى توزيع فوائد هذه الثورة بشكل عادل، فقد تقود إلى رفاهية كونية.
تحديات وتحذيرات
يحذر هاسابيس، أيضًا، من أن هذه الثورة المصاحبة للذكاء الاصطناعي تطرح تحديات اجتماعية واقتصادية خطيرة، مثل البطالة وإمكانية تركز السلطة والثروة في أيدي من يسيطرون على تقنيات الذكاء الاصطناعي.
لذلك، يشدد الحائز على جائزة نوبل على ضرورة التفكير في كيفية توزيع وفرة الإنتاج الجديدة بشكل عادل ومنظم، حتى لا ينتهي المطاف بسيطرة قلة على الاقتصاد والمجتمع.