100%
خضير الحميري
وضع حجر الأساس لمشروع توليد الطاقة من النفايات في بغداد هو من الأخبار التي تضع الحجر الأساس للتفكير الصحيح في تحويل المشكلات إلى نجاحات. فمشكلة النفايات تعتبر من المشكلات البيئية والصحية المقلقة، ولطالما شكلت أكوام النفايات والوسائل المتخلفة لطمرها، أو حرقها والتخلص منها، صورة قاتمة للعلاقة المتأزمة بين المشكلات والحلول، ليأتي هذا الخبر ويضع نهاية موفقة لتلك العلاقة. يقول الخبر إن المشروع مصمم لمعالجة 3 آلاف طن من النفايات يوميًا، تولد 780 مليون كيلو واط/ ساعة من الكهرباء (الخضراء) سنويًا، ما سيلبي احتياجات 10 ملايين شخص من الطاقة الكهربائية ويخلق 500 فرصة عمل.
وأنا أقرأ الخبر، كنت بحاجة لمن (يقرصني) لأتأكد من صحوي وصحة ما أقرأ، وأنه يحصل عندنا وليس في بلاد أخرى، وأظن أن بعضكم قد توقف مثلي عند عبارة الكهرباء الخضراء، فالكهرباء التي تعرفنا عليها لعقود كانت (مصخّمة)، وقد أفادني (كوكل) بأن الكهرباء الخضراء، وتسمى أيضًا بالطاقة المتجددة، هي طاقة صديقة للبيئة، يكون توليدها من مصادر طبيعية، مثل الشمس والرياح والأمطار والمياه والنباتات والمد والجزر والنفايات..
وتعد ألمانيا هي الرائدة في استكشاف (كنز) النفايات، فقد استفادت إحدى الشركات الألمانية من مشكلة النفايات في مدينة نابولي الإيطالية عام 2015، عندما أضرب عمال النظافة في هذه المدينة مطالبين برفع أجورهم، وغرقت شوارع وأحياء المدينة بالنفايات، ووسط انزعاج الناس وتلوث الأجواء، تقدمت شركة ألمانية بعرض لشراء 1500 طن من نفايات نابولي وإعادة تدويرها لصناعة أدوات بسيطة بأسعار مناسبة، وحولت الروائح الكريهة الى أرباح طيبة!
الاستثمار في النفايات أصبح مصطلحًا حقيقيًا يجري تداوله على نطاق واسع، وهناك من يستخدم مصطلح (اقتصاد) النفايات، أو (سوق) النفايات، ويتم التمييز بين النفايات بحسب (تصنيفها) من حيث الفصل بين مكوناتها، نفايات إلكترونية، أو عضوية، أو ورقية، أو صناعية.. ويقال إن النفايات قد دخلت سوق الاستيراد والتصدير، فالدول التي لديها فائض تصدر إلى الدول التي تعاني من العجز في (ميزان النفايات)، وعليه.. ليس بعيدًا أن نسمع، إلى جوار الدول المنتجة للنفط، والدول المنتجة للغاز، والدول المنتجة للرز، والدول المنتجة لليثيوم، أن تصبح لدينا... دول منتجة للنفايات!