علي الدفاعي /
يشهد العراق حاليًا نهضة صناعية تهدف إلى تنويع الاقتصاد وتقليل الاعتماد على النفط. من أبرز هذه المبادرات، إنشاء 12 مدينة صناعية موزعة على مختلف المحافظات، بعضها تم إنجازه بالفعل والبعض الآخر قيد الإنشاء. وأعلنت وزارة الصناعة العراقية مؤخرًا عن 12 مدينة صناعية في عموم البلاد، مشيرة إلى أن بعض هذه المدن تم إنجازه بالفعل، والباقي لا يزال قيد الإنشاء بنسب إنجاز كبيرة. تعمل السلطات العراقية على جذب الاستثمارات الخارجية نحو المدن الصناعية الجديدة، وتأمل في أن تحقق تلك الاستثمارات ازدهار الصناعات العراقية وتقليل فاتورة الاستيراد التي يصل حجمها إلى 70 مليار دولار، فالعراق يستورد كل شيء تقريباً. وتعمل الجهات الحكومية العراقية على أن تكون المدن الصناعية صديقة للبيئة في استخدامات الطاقة وبعيدة عن السكان، كما سيتم ربط تلك المدن بشبكة طرق جديدة وتعزيزها بجميع البنى التحتية. مدن صناعية منجزة يقول مدير الشؤون الصناعية والهندسية في هيئة المدن الصناعية بوزارة الصناعة حسن مروان ناجي، إن "هناك 12 مدينة صناعية في عموم العراق بعضها قيد التنفيذ كما هي الحال في المدن الصناعية بالبصرة وذي قار والأنبار وكربلاء والنجف وواسط وميسان والموصل ومدن أخرى في طور استكمال الموافقات." وأشار ناجي إلى أن هناك مدناً صناعية وصلت نسبة إنجازها إلى 90 في المئة، كما هي الحال في المدينة الصناعية بمحافظة الأنبار، فيما تم تأجير 80 في المئة من المقسمات الصناعية بمحافظة ذي قار بعد إنجازها بالكامل. ولفت إلى رغبة القطاع الخاص في الاستثمار بهذه المدن الصناعية لكي لا يبقى رهين العشوائيات الصناعية، وللحصول على الامتيازات التي ستقدم للمستثمرين، ومنها الإعفاءات الجمركية والقروض وبيع المشتقات النفطية والطاقة الكهربائية بأسعار مدعومة. وعن أكبر المدن الصناعية يوضح ناجي أنها "المدينة الصناعية بالنجف، التي جرى بناؤها بمساحة تقدر بـ6000 دونم، ووصلت نسبة إنجازها إلى 25 في المئة، والمدينة الصناعية في محافظة كربلاء بنسبة إنجاز 29 في المئة، وهي متخصصة بالصناعات البتروكمياوية والنفطية بجوار مصفاة كربلاء". إمكانية تعديل القانون وأشار إلى إمكانية تعديل قانون المدن الصناعية، إذ إن "المستثمرين يطالبون بتملك الأراضي، ونحن نحاول أن نعدل قانون المدن الصناعية رقم 2 لسنة 2019 لهذا الغرض". وضع حجر الأساس لمشروع مدينة النجف الصناعية غير الملوثة في تشرين الثاني عام 2022، وتعد من أكبر المدن الصناعية بمساحة ستة آلاف دونم. كما بدأ عدد من المستثمرين ببناء عدد من المجمعات الصناعية الناجحة، كمشروع "الاتحاد" لصناعة السكر، الذي بدأ الإنتاج عام 2015، ويبلغ إنتاجه من السكر المكرر الأبيض 3600 طن يومياً، ومصنع الزيوت النباتية بطاقة تقديرية تصل إلى 4000 طن يومياً، ما أسهم في دعم البطاقة التموينية بهذه المنتجات وتقليل حجم الاستيراد الأجنبي. ورجح رئيس اتحاد الصناعات العراقية السابق علي الساعدي، أن تمليك الأرض سيجلب كثيراً من المستثمرين الأجانب، مضيفاً "هناك مطالبات من المستثمرين في المجال الصناعي بتعديل قانون المدن الصناعية من خلال تمليك الأرض للصناعيين، لأنها تعد جزءاً من أصول المشروع ما يسهل منحه القرض". ولفت الساعدي إلى ضرورة إنشاء مدن صناعية عراقية لا مدنًا مشتركة، لأن الأخيرة ستعم بالفائدة الكبيرة على الجانب الآخر، بينما ستبقى للعراق مكاسب بسيطة، مؤكدًا أن الصناعة العراقية من الممكن أن تزدهر في حال إعطاء تسهيلات للمستثمرين والصناعيين. بدورهِ، قال عضو الفريق الوطني لكتاب ستراتيجيات المدن الصناعية في العراق الدكتور مصطفى حنتوش إن" واقع مستقبل الصناعة في اي بلد، خصوصًا في بلدان مثل العراق، فيه بيروقراطية صعوبة الحصول على إجازة المعمل الواحد، تأخذ مدة زمنية أكثر من سنتين حتى يتم تحقيق عملية الاعتراف بالمعمل، كما أن عملية تمويله كذلك صعبة، لكن برنامج نموذج المدن الصناعية هو نموذج عالمي جاهز، ينص على أن تقوم الدولة بإعطاء أرض كبيرة إلى مستثمر محلي أو أجنبي، أو تاخذها الدولة وتحددها من خلال تسييج المنطقة وإعطائها بنى تحتية، ثم البدء خلال أيام بالتعاقد مع المستثمر الذي بدوره يأخذ الارض ويبني معامل ومصانع." وأشار إلى أن "العراق بلد متنوع يضم ثروات طبيعية جدًا كبيرة حسب تقسيم الثروات الطبيعية ممكن من خلالها تقسيم مدن صناعية متخصصة تعمل على الاستغلال الأمثل لتلك الثروات." وأضاف حنتوش، في تصريح لـمجلة "الشبكة العراقية": هناك مدن صناعية متخصصة قريبة من مصادر الثروات الطبيعية بما فيها الزراعة. ولفت حنتوش إلى وجود مدن صناعية عامة لمجموعة من معامل الأنسجة مع الأغذية غير ملوثة، وتوجد مدن صناعية عامة ملوثة، أي صناعات فيها خصوصية بعيدة عن المدينة، وتكون فيها البنى التحتية مختلفة، وتوجد مدن صناعية للمشاريع الصغيرة والمتوسطة تكون قريبة من المدن بأعداد كبيرة، ولا تأخذ مساحة كبيرة قريبة من المدينة. مؤكدًا أن "هذا النموذج اعتبرته الدولة العراقية كفيلًا بأن يعطي كل محافظة صبغة اقتصادية." مشيرًا إلى أنه "في الوقت الحالي، أي محافظة في العراق ليس فيها عمل لأنها لا تحتوي على صبغة اقتصادية." ويؤشر حنتوش بأن "العراق مطالب بإعطاء صبغة اقتصادية لكل محافظة لتشغيل أبنائها، حتى يتم توفير واردات مالية لتحقيق تلك المحافظات الاكتفاء المالي." مبينًا أن "العراق ممكن أن يدعم اقتصاده الريعي من خلال نشر مايقارب ٥٠ مدينة صناعية بواقع 3 - 4 مدن صناعية في كل محافظة (مدينة صناعية عامة ومدن صناعية متوسطة (وأن كل مدينة متخصصة بتشغيل 1000 معمل، كل معمل يشغل 100 عامل." ويكمل الحديث بالقول: "البلد يحتاج إلى دعم هيئة صناعية من خلال غلق الحدود وشراء ودعم المنتوج الوطني، الذي يحتاج إلى دعم من البنك المركزي العراقي، وأيضًا يمكن للدولة العراقية أن تقترض، وهذا الاقتراض الذي يصفه بـ (الرابح) بهذه الطريقة: اقتراض 10 ترليونات دينار، لكن تكون مدورة، وهذا سيؤدي إلى تشغيل أكبر عدد ممكن من العاطلين عن العمل وتوفر رواتب الموظفين."
