100%
رجاء الشجيري
مذ خلقت البشرية، والمرأة شريكة الرجل في الحياة، هي الأم، والمربية، والعاملة، والمانحة سبل استمرار الوجود، وإن كانت هناك شواهد رائعة لأوليات النساء العراقيات في مختلف المجالات والتخصصات والعلوم، كأول وزيرة، وقاضية، وعالمة وغيرها، فإن الطب كانت له نساؤه من الطبيبات المميزات أيضاً، اللاتي حفرن أسماءهن على حجر النجاح.
زي رجالي!
يذكر لنا التاريخ من القصص الملهمة للنساء الطبيبات، أن أول امرأة شجاعة خاضت في مجال الطب، كانت (أغنوديس)، من (أثينا)، التي ولدت في القرن الرابع عشر قبل الميلاد، كأول (قابلة)، وممارسة لمهنة الطب في العصور القديمة، تحدت المجتمع آنذاك وتنكرت في بادئ الأمر بزي رجل، لأن الرجال حينها كانوا المسيطرين على دراسة الطب، ومع تزايد عدد النساء اللاتي كن يعانين من الآلام والتعقيدات أثناء الولادة والوفيات، قررت (أغنوديس)، اقتحام هذا المجال لمساعدتهن، ولتحقيق حلمها أيضاً، وقد تمكنت من دراسة الطب على يد الطبيب اليوناني (هيروفيلوس)، ثم عادت لاحقاً إلى (أثينا)، لتطبيق ما تعلمته.
مذكرات طبيبة
هناك أمثلة رائعة لطبيبات عراقيات، كن أهلًا لهذه المهنة الإنسانية، إذ كانت الدكتورة (آناستيان)، أول طبيبة عراقية – أرمنية، تخرجت في كلية الطب من الجامعة الأميركية في بيروت سنة 1937، وكذلك الدكتورة (سانحة أمين زكي) المولودة في بغداد سنة 1920، التي تنحدر من أصول عربية كردية تركمانية، التي كانت تطمح لأن تكون كاتبة، لكنها استجابت لرغبة والدها، لتلتحق بالجامعة للدراسة في كلية الطب.
(زكي) تذكر أن أول محطة عمل لها، حسب ما ذكرت في كتابها (مذكرات طبيبة عراقية)، كان في قسم الأشعة للتدريب على يد الأستاذ (نورمان) البريطاني، انتقلت بعدها إلى مستشفى العزل (الكرامة)، في الكرخ، التي كان يديرها الدكتور (توفيق رشدي)، إذ عملت هناك في فترة الصباح، لتعود مساءً مع زملائها إلى المستشفى الملكي لحضور الدروس السريرية والمحاضرات، لتنتقل إلى فرع النسائية والتوليد، تحت اشراف الأستاذ (كروكشانك) الكندي الجنسية. تخرجت في كلية الطب ببغداد سنة 1943 لتصبح أستاذة مادة علم الأدوية في الكلية، وحصلت على شهادة الماجستير من جامعة لندن سنة 1965.
دخول (السونار)
أما الدكتورة سلوى عبد الله مسلم، فهي أول طبيبة صابئية مندائية، تخرجت سنة 1956، وتميزت بخدماتها الإنسانية في مجال الطب العام والنسائية والولادة.
في حين كانت الدكتورة لميعة البدري أول أستاذة في هذا المجال، وأول عراقية تحصل على درجة الأستاذية في كلية الطب سنة 1964، طبيبة مبتكرة في علم الولادة والطب النسائي، حازت شهادة عضوية الكلية الطبية الملكية سنة 1949، وكانت أول عراقية تحصل على هذه الشهادة، عينت مقيمة في قسم الولادة في المستشفى الملكي لمدة 15 شهراً، وعملت مقيمة في مستشفى (القصر العيني) في القاهرة لمدة سنتين، حيث نالت شهادة الدبلوم نهاية سنة 1946. وبعد عودتها إلى الوطن، أسهمت في جعل المستشفيات والتدريب في الكليات الطبية ببغداد معترفاً بها من قبل الجامعات البريطانية، كما منحت زمالة الكلية الطبية الملكية للنسائية والتوليد سنة 1966. وهي رئيسة قسم الولادة والنسائية في كلية الطب، بعد الدكتور كمال السامرائي، وثاني رئيسة قسم في جامعة بغداد. عملت عميدة لكلية التمريض في بغداد لمدة ثماني سنوات، حيث رفعت المستوى العلمي والفني للممرضة العراقية. كما عملت على إيجاد كادر تدريسي لكلية التمريض من بين الأوائل في الكلية. وتعد أول من أدخل طريقة الفحص بالأمواج فوق الصوتية (السونار)، عام 1963. اختيرت رئيسة لمنظمة نساء الجمهورية في الستينيات.
طبيبة الراهبات
ومن أوائل الطبيبات العراقيات، التي يتذكرها الكثير من العراقيين، خاصة النساء، بحكم عملها، وإسهامها بحملات التوعية للنساء الحوامل، ورعاية الأمومة والطفولة، وتدريب الفتيات والنساء على عمل (القابلات) أي (القابلة المأذونة)، كانت الدكتورة سيرانوش ناصر الريحاني، التي تعد أول طبيبة مسيحية تتخرج في كلية الطب الملكية بتاريخ 1944/6/20، من جامعة بغداد، منتصف الأربعينيات. ولدت في الموصل عام 1920، وعملت بعد تخرجها في جامعة بغداد، طبيبة نسائية وتوليد في المستشفى الجمهوري، ثم انتقلت إلى البصرة الفيحاء، لتعود للعمل في محافظة نينوى الحدباء بمدرسة التمريض، وكانت عيادتها في السرجخانه، كما عملت ضمن اختصاصها في مستشفى الراهبات ببغداد.