وسام الفرطوسي
على الطريق الممتد بين الحقول والبساتين، تبدو بابل كما عهدها الناس؛ أرضًا زراعيَّة ضاربةً في عمق التاريخ. غير أنَّ المشهد تغيّر في السنوات الأخيرة: مداخن مصانع تعانق السماء، ضجيج آلات لا يهدأ، وورش إنتاج تتحركُ بإيقاعٍ متسارع. في هذا الفضاء الرحب والواسع أعلن رئيس الوزراء محمد شياع السوداني تسمية بابل "عاصمة العراق الصناعيَّة"، مستندًا إلى موقعها الستراتيجي وقدرتها على الجمع بين الزراعة والصناعة معًا.
قال رئيس الوزراء محمد شياع السوداني: بابل الحضارة والتاريخ، يضاف لها اليوم اسمٌ جديدٌ "عاصمة الصناعة العراقيَّة." وأشار إلى أنَّ "المحافظة مؤهلة لتكون مركزًا اقتصاديًا، بفضل أراضيها الزراعيَّة الخصبة وقطاعها الصناعي المتنامي.
بين الحقول والمصانع بابل ليست غريبة عن الإنتاج، لكنها اليوم تحاول أنْ تبني تكاملًا بين الزراعة والصناعة. أكثر من مليون وثلاثمئة ألف دونم صالحة للزراعة، تمدُّ الصناعات الغذائيَّة بالمواد الأوليَّة، بينما يشكلُ القطاعُ الخاصُّ قوةً جريئة في الاستثمار والتصنيع.
في جولة شهدت الإعلان الرسمي، افتتح السوداني مصنع الحبيبات البلاستيكيَّة بطاقة 960 طنًا يوميًا، وهو الأول من نوعه في العراق، فضلًا عن مصنع الطباعة (الفليكسبل) بطاقة 35 ألف طن سنويًا، ومصنع الأمبولات والأغطية البلاستيكيَّة بطاقة 120 ألف طن سنويًا. شكل البنية التحتية لهذه المشروعات بدا وكأنه إعلان انطلاق مرحلة جديدة، عابرة لسنوات التعطيل والإهمال.
أرقام بحجم الطموح مستشار رئاسة مجلس الوزراء لشؤون الصناعة والمعادن الدكتور حمودي عباس حميد أوضح أنَّ المحافظة تضمُّ قاعدة صناعيَّة واسعة، تبدأ بـ: 1 – 27 شركة ومصنعًا حكوميًا. 2 - أكثر من 2500 ورشة ومصنع أهلي صغير وكبير. 3 - 70مصنعًا استثماريًا مرخّصًا من هيئة استثمار بابل. 4 - 30 مطحنة للحبوب. 5 - 45 معملًا للأسفلت 6 - 44 معملًا للطابوق. 7 - خمس محطات لإنتاج الطاقة الكهربائيَّة. 8 - مصانع للتصنيع الحربي.
يضيف حمودي أنَّ بابل تستعدُّ لمشروعات كبرى سترسمُ ملامح مستقبلها الصناعي، من أبرزها: 1 - المدينة الاقتصاديَّة الكبرى في الإسكندريَّة على مساحة 17 ألف دونم. 2 - مدينة حطين الاقتصاديَّة على 6 آلاف دونم. 3 - مصفى نفط في جرف النصر بطاقة 140 ألف برميل يوميًا. 4 - مصنع للبتروكيمياويات في جرف النصر. 5 - عشرة مصانع غذائيَّة في المحاويل على مساحة 146 دونمًا. 6 - 21 مصنعًا جديدًا ضمن شركات وزارة الصناعة والمعادن. 7 - مدينة صناعيَّة في الكفل بمساحة ألفي دونم. 8 - مدينة دوائيَّة في الكفل على 700 دونم. 9 - 27 مصنعًا متنوعًا في منطقة أبو عكارب بالمحاويل. 10 - خمسة مصانع للأدويَّة والمستلزمات الطبيَّة. 11 - 21 مصنعًا إضافيًا في المنطقة الصناعيَّة بالكفل. 12 - مصانع للحديد والصلب والألمنيوم بواقع خمسة مصانع.
نبض جديد في الأسواق الشعبيَّة، لا تزال الطماطم والرقي والتمر تُعرض، كما كانت منذ قرون، لكنْ بجانبها تظهر اليوم منتجاتٌ صناعيَّة تحملُ ختم "صنع في العراق." بين التاريخ والزراعة والمصانع الحديثة، تتشكّلُ صورة جديدة لبابل؛ محافظة تسعى لتكون عاصمة فعليَّة للصناعة، ورافعة أساسيَّة للاقتصاد الوطني. وبينما تغيبُ شمس المساء عن أسوارها التاريخيَّة، تبقى أضواء المصانع مشتعلة، تكتبُ بلغة الحديد والمواد الخام فصلًا جديدًا في سجل حضارة لم تنطفئ.