هموم وشؤون نسائية... ولكن

ثقافية

هموم وشؤون نسائية... ولكن
100%
رضــا الـمـحـمــداوي منذ مطلع أُغنية تايتل البداية والنهاية لمسلسل (ميليشيات نسائية)، الذي أراد صانعوه أن يكون أُغنية خفيفة، بطابع فكاهي، عن الطلاق والزواج من امرأة ثانية، أفصحَ المسلسل عن فكرته الرئيسة المتمثلة بظاهرة الخيانة الزوجية، التي غالباً ما تنتهي بالطلاق، ليصبح الرجل حرًا من أجل إتمام مرحلة زفافه إلى زوجته الجديدة. كان يمكن للمسلسل، وهو من تأليف وإخراج مهند أبو خمرة، وسيناريو وحوار محمد خماس، أنْ يندرج ضمن أعمال الدراما النسائية التي تتصدى لموضوعات المرأة وقضاياها وهمومها، إلا أن اختيار الموضوعة الاجتماعية، المعروفة والشائعة في كفة، ومعالجتها الدرامية وإخراجها الفني كان في كفة أخرى، ذلك لأن المسلسل قد أمسك بظاهرة الخيانة الزوجية، لكنه سرعان ما أضاعها في أسلوب تقديمها وتجسيدها على الشاشة بواسطة مجموعة الشخصيات النسائية، التي تكاثرتْ، وأحداثها وحالاتها التي تشابهتْ وتكرّرتْ مع ميلان واضح في اعتماد الخفة والفكاهة الدرامية، وفي أسلوب المعالجة والرؤية الإخراجية، وهو ما عبرَّتْ عنه كلمات علي الشمري التي كتبها لتايتل المسلسل، وأدّاها كلٌ من آدم السلطان وميلاد السومري ولحّنها علي القاسم. هذا التذبذب والتأرجح، بين الموضوعة الجادة والمعالجة الفكاهية، قد سَلَبَ من المسلسل هويته الفنية وأضاع عليه فرصة تقديم دراما نسائية ذات محمول اجتماعي جاد أو متوازن بين الكفتين، في أقل تقدير. زوجات غافلات المحور الرئيس في المسلسل تمثلّهُ (رهف) (زهراء بن ميم)، التي تكتشف خيانة زوجها (أحمد) (حيدر عبد ثامر)، وسعيه للزواج من خطيبته، موظفة المصرف (هند). وعلى الرغم من أنَّ (أحمد) يفسخ خطوبته من الأخيرة، إلا أن (رهف) ترفع قضية طلاق ضده، وبعد جلسات عدة في المحكمة تحصل على حكم الطلاق منه، لتبقى ابنتهما (ناتالي) هي الرابط الوحيد بينهما. تنضم لهذا المحور المحامية المُطلّقة (رشا) (كادي القيسي)، التي سبق أن خانها زوجها، وتنضم معها كذلك صديقتيهما (ميادة) (نبأ حسن) و(رسل) (حنين العزاوي)، اللتين تتعرضان لحالات الخيانة الزوجية والعاطفية، ليصبح هذا الرباعي النسوي المُحرك الرئيس لأحداث المسلسل، وذلك من خلال تأسيسهم مكتبًا نسويًا خاصًا في تقديم الدعم والإسناد للزوجات الغافلات، من أجل الكشف عن حالات الخيانة الزوجية التي يقوم بها أزواجهن، ومنهم(حارث) (تيسير أحمد) و(رجل المافيا صلاح) (مصطفى الطويل) وغيرهما. ومع توالي حلقات المسلسل تتكاثر النساء اللواتي تتعرض حياتهن العائلية لخطر الخيانة الزوجية، والعديد من هؤلاء النساء والحالات تمرُّ عابرةً دون أنْ يجري التركيز على إحداهن وإعطاؤها المساحة والزمن الدراميين الخاصين بها. وقد تكرّرتْ حالات الخيانة الزوجية، ومن ثم الطلاق بين الزوجين، حتى بدا لنا المسلسل في بعض جوانبه وكأنّه دعوة للطلاق في حلّ المشكلات الزوجية. لكن مع تكرار الحالات المتشابهة، لم يكن هنالك من جديد في طريقة البناء على صعيد التأليف والسيناريو، أو تجديد، أو ابتكار، في الأسلوب الفني على صعيد الإخراج. تكرار وإعادة بقي المسلسل على هذا الإيقاع الفني العام من التكرار والإعادة حتى الحلقة الأخيرة منه، وبدتْ الحلقات، وهي بهذا المنوال، وكأنَّها إعادة إنتاج وتدوير للحلقات السابقة، دون أنْ تحمل معها أيّة متغيرات أو مستجدات. وكان بإمكان صانعي المسلسل أن تكون كل حلقة بشخوصها وأحداثها ومجرياتها عبارة عن حلقة مستقلة بذاتها عن بقية الحلقات، من حيث التمهيد للقصة الدرامية قبل الخوض في تفاصيل الخيانة الزوجية والكشف عن خيوطها، وبأسلوب درامي يغادر التكرار والإعادة، ولاسيّما أن المسلسل قد حفل بالعديد من الوجوه النسائية الشابة الجديدة، التي من الممكن أنْ يعوّل عليها صانعو المسلسل في تقديم الحلقات والحالات المتعددة، آخذين بنظر الاعتبار عدد الحلقات العشر التي يتكون منها المسلسل، والزمن الطويل نسبيًا للحلقة الواحدة. حرية وفكاهة واحد من عيوب المسلسل برز في تحوّل بعض الحلقات إلى أشبه ما يكون بالبرنامج، أو الريبورتاج التلفزيوني، في اللقاءات مع نساء تعرضن للخيانة الزوجية ولمْ تكنْ هذه اللقاءات لتضيف شيئًا إلى جوهر المسلسل، أو بنائه الدرامي، إذ بقيتْ هذه النماذج النسائية عابرة ومتشابهة في هيكل المسلسل، بالرغم من تعدد الأسماء والحالات. في حين حفلتْ بعض الحلقات بمشاهد ثقيلة وايقاع بطيء، ولجأت كذلك، في بعض المشاهد، إلى بكائيات مفتعلة. وكل هذا لم يكن يتناسب مع خفة الدم والفكاهة التي اتخذها المسلسل أسلوبًا فنيًا له. وفي هذا الصدد كان بالإمكان تعميق وتوسعة الحضور الأدائي الفكاهي الثنائي للفنانين القديرين طلال هادي وفوزية حسن، والاستفادة منهما في تعميق الخط الدرامي لهما في المسلسل، بدلًا من بقائهما مقيدين ببطاريات الريموت كونترول طوال الحلقات العشر للمسلسل! في المقابل، جاءت بعض المشاهد فائضة عن الحاجة، ولا ضرورة لها في السياق الدرامي للمسلسل، ولاسيّما تلك التي جرت إعادتها وأصبحتْ مجرد حشو حواري وسرد صوري لا أكثر. وإزاء الموضوعة الاجتماعية الصعبة، بطبيعتها الحساسة التي اختارها المسلسل، يبقى المزج بين الجدية والفكاهة، والحرص على تقديم العمل الدرامي بطابع خفيف، اختيارًا فنيًا أو حلًا إخراجيًا صعبًا. ولم تكن مستساغة لقطات القطع البعيد للشوارع والجسور والساحات والمجسرات وسطوح المباني والعمارات، التي اعتمدها المخرج كفواصل، أو عوازل، بين المشاهد، بحيث أصبحتْ مملة لكثرة تكرارها وإعادتها في أزمنة درامية قريب بعضها من بعض، وأصبحتْ أقرب إلى الحلول البرامجية التلفزيونية، وأبعد ما تكون عن (القطع والوصل) المونتاجي الفني المبني والمُحكم.

إقــــرأ المــــزيــــــــد

العلكة الكردية.. سحر الطبيعة وثمرة الجبال
تحقيقات

العلكة الكردية.. سحر الطبيعة وثمرة الجبال

حين تمتزج الأرض بالتقاليد.. قصة (تنباك الجدول الغربي) الذي يغزو المقاهي
تحقيقات

حين تمتزج الأرض بالتقاليد.. قصة (تنباك الجدول الغربي) الذي يغزو المقاهي

حياة بلا تواصل اجتماعي..  هل مازال في وسعنا أن نعيش في العالم الافتراضي؟
تحقيقات

حياة بلا تواصل اجتماعي.. هل مازال في وسعنا أن نعيش في العالم الافتراضي؟

أرصفة بلا مارة.. كيف تحولت شوارع بغداد إلى غابة من التجاوزات؟
تحقيقات

أرصفة بلا مارة.. كيف تحولت شوارع بغداد إلى غابة من التجاوزات؟

من الورق إلى الكود.. الهوية الجامعية تدخل العصر الرقمي
تحقيقات

من الورق إلى الكود.. الهوية الجامعية تدخل العصر الرقمي

العراق: "الدولة والمجتمع خلال قرن"
تحقيقات

العراق: "الدولة والمجتمع خلال قرن"

أبرز الأخبار

كيفــ ترد على من يحاول التقليل من شأنك؟

كيفــ ترد على من يحاول التقليل من شأنك؟

يارا خضير: أرقص من أجل السلام

يارا خضير: أرقص من أجل السلام

قصة إعدام الفنان صباح السهل

قصة إعدام الفنان صباح السهل

السحر الأسود.. يقلق راحة الموتى والأحياء المتاجرة بأدوات غسل الميت وأعضائه

السحر الأسود.. يقلق راحة الموتى والأحياء المتاجرة بأدوات غسل الميت وأعضائه

صلاح عمر العلي:300 عضو قيادي اختفوا بعد اجتماع قاعة الخلد

صلاح عمر العلي:300 عضو قيادي اختفوا بعد اجتماع قاعة الخلد

رنين تبوني: بالشعر.. اهرب من الواقع !

رنين تبوني: بالشعر.. اهرب من الواقع !

تاريخ ورمزيّة خاتم الزواج

تاريخ ورمزيّة خاتم الزواج