إعداد وترجمة: أحمد الهاشم /
كتاب "(عصر الذكاء الاصطناعي ومستقبلنا البشري)" استكشاف لكيفية تغيير الذكاء الاصطناعي لعالمنا ولطبيعة الوضع البشري عمومًا. الكتاب من تأليف مجموعة من الباحثين، وهم كلُ من وزير الخارجية الأسبق هنري كيسنجر، والرئيس التنفيذي السابق لشركة جوجل إريك شميدت، ودانيال هاتنلوشر من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا. تجنب التشاؤم يُصحِّح الكتاب بعض الأمور، إذ يتجنب المؤلفون التشاؤم بصدد الذكاء الاصطناعي، وهو الاعتقاد الشائع للأسف في أن الذكاء الاصطناعي جزء من مستقبل حتمي لا نستطيع تغيير مساره، ويحمل تهديدات. بدلًا من ذلك، يرى المؤلفون أن "البشر لا يزالون يتحكمون في الذكاء الاصطناعي، ولديهم الفرصة لتشكيله وفقًا لقيمنا." ويشير الكتاب إلى قلق بعضهم بشأن الروبوتات القاتلة التي قد تصل إلى مستوى الإدراك البشري وتقضي علينا جميعًا، لكن المؤلفين يؤكدون اعتقادهم بأن الذكاء الاصطناعي سيبقى تحت السيطرة البشرية، تمامًا مثل التقنيات الأخرى. الهوية البشرية تتمثل فرضية الكتاب في أن "الذكاء الاصطناعي يغير المجتمع جذريًا، على عكس أية تقنية أخرى في التاريخ، لأنه يؤدي مهام بشرية، ويؤثر بشكل متزايد على القرارات البشرية." يدعم المؤلفون هذا الطرح الجريء بنهج يركز على التكنولوجيا، والفكر، والإجراءات البشرية، والترابط العالمي، والأمن القومي، وذلك لوضع سياق يفسر كيف يجبر الذكاء الاصطناعي المجتمع على التعامل مع ما يشكل الهوية البشرية. إذ يرى المؤلفون أن الذكاء الاصطناعي لا يغير فقط مفهوم ما يفعله الناس، بل أيضًا كيف يعيشون وجودهم. كما يرون أنه ثوري وفريد من نوعه بالقياس إلى غيره من التطورات التكنولوجية في التاريخ. ففي حين غيرت التقنيات السابقة طريقة أداء البشر للمهام، يغير الذكاء الاصطناعي كيف يرى البشر أنفسهم كمساهمين في المجتمع. إدراك مستقبلي تحتفي المؤلفات المشابهة بالقدرات الهائلة للذكاء الاصطناعي، لكنها تتجنب وصف كيف أنه قد يغيّر المعتقدات بشأن الوجود البشري، التي استمرت قرونًا. إن هدف المجتمع في القرن الحادي والعشرين هو قبول ما يُعدّ تغييرًا لا يمكن تصوره سابقًا لكيفية إدراك البشر لوجودهم وبيئتهم. يعتمد الكتاب على الماضي كـ "عدسة لعرض مستقبل لا يمكن التنبؤ به." في فصل يتناول التكنولوجيا والفكر البشري، يستخدم المؤلفون أمثلة تاريخية لظهور الديانات التوحيدية في الثقافات اليونانية والرومانية القديمة لتوضيح كيف كانت العقلانية والإيمان يفسران الواقع في السابق. يدعم ذلك طرحهم أن الذكاء الاصطناعي قد يعيد تعريف الإدراك المستقبلي للواقع. بعبارة أخرى، يتوقعون أن الذكاء الاصطناعي سيحل محل الإطار الهيكلي الذي يفهم به البشر بيئتهم. إمكانيات لا محدودة على صعيد آخر، يستعرض الكتاب بفعالية "الظهور السريع للذكاء الاصطناعي وإمكانياته اللامحدودة." في فصل بصدد منصات الشبكات العالمية، يقدم المؤلفون نقطة محورية: "يدمج البشر الذكاء غير البشري في الأنشطة البشرية الأساسية، ما يثير اعتبارات بشأن المعايير الاجتماعية، والمؤسسات الموثوقة، وأهمية الحوكمة." يزود هذا الفصل القارئ بمعلومات حول النطاق العالمي للذكاء الاصطناعي وأهمية فهم التكنولوجيا للمجتمع ككل، وليس فقط كفرد أو بلد أو قارة. يؤثر الذكاء الاصطناعي ونطاقه على العالم. يشرح المؤلفون مدى وصوله كشبكة عالمية تربط الناس في جميع أنحاء العالم بسرعة أكبر من أية تقنية أخرى في التاريخ، وهي فكرة تدعم أهمية الكتاب. تناول المؤلفون تداعيات ذات صلة بالستراتيجيين، من ضمنها اعتبارات "الأمن القومي، وغموض الأسلحة السيبرانية، والقيود المتبادلة، والافتراضات التي يجب على صانعي القرار اتخاذها حول العالم." تحديات أمنية ويرى المؤلفون أن جميع الدول الكبرى يجب أن تتصدى للتحديات الأمنية لأنظمة الذكاء الاصطناعي. تنتقل هذه المعضلة إلى القسم الأخير من الكتاب، الذي يستكشف "التقارب بين الذكاء الاصطناعي والهوية البشرية." ويتضمن ذلك قبول معلومات جديدة، وتطوير ضمانات لحماية الدور البشري في القرارات، وتعزيز المساءلة باستخدام الذكاء الاصطناعي. يتناول هذا الكتاب التوازن بين التكنولوجيا والتجربة البشرية، عن طريق اكتشاف التحديات الفريدة التي سيفرضها الذكاء الاصطناعي على تصورات الواقع ودوره في المجتمع. ويختتم بدعوة البشر إلى العمل لتحديد شراكتهم مع الذكاء الاصطناعي والواقع الناتج عن تقدم التكنولوجيا. وإلا، فإن المجتمع يخاطر بالاستسلام لعدم اليقين الذي من المرجح أن يفرضه الذكاء الاصطناعي على التجربة البشرية، وهو أكثر خطورة من أية قدرة وظيفية للتكنولوجيا نفسها.