سجى رشيد /
في خضم التحديات الاقتصادية التي تواجه العراق، جاء تشكيل مجلس تطوير القطاع الخاص الدائم كمحاولة لإعادة التوازن بين الدولة والسوق، وتحقيق شراكة حقيقية تُمكن المشاريع الإنتاجية من النهوض بدور فاعل في التنمية. وقد ضم المجلس ممثلين عن القطاعين العام والخاص، وسط آمال بأن يتحول من إطار إداري إلى منصة قرارات تؤثر فعليًا في واقع الاستثمار وسوق العمل والتنوع الاقتصادي. في هذا السياق، تحدث عبد الزهرة الهنداوي، المتحدث الرسمي باسم وزارة التخطيط، قائلًا إن "الوزارة تنظر إلى المجلس بأهمية كبيرة، كونه جاء استجابة لتوجيهات حكومية واضحة، تهدف إلى دعم القطاع الخاص ومنحه المساحة التنموية المناسبة، سواء في صنع القرار الاقتصادي، أو في تنفيذ المشاريع وتحقيق الشراكة مع القطاع العام." وأوضح أن "هناك خطة واضحة لربط مشاريع القطاع الخاص بأهداف التنمية ضمن خطة التنمية الخمسية للأعوام من 2024 إلى 2028، إذ خُصصت نسبة 35 % من حجم الاستثمارات التنموية للقطاع الخاص مقابل 65 % للقطاع العام، أي ما يعادل نحو 84 تريليون دينار عراقي، من المتوقع أن يستثمرها القطاع الخاص ضمن الخطة." وأكد أن "الوزارة تسعى إلى تقليل الفجوة بين الخطط الورقية والتنفيذ الفعلي، من خلال خطة جديدة مختلفة تعتمد على تحويل إجراءات الدولة إلى نظام إلكتروني شامل، وعلى معالجة التحديات بأساليب ابتكارية، مع رصد ومتابعة دقيقة تُنفذ عبر فرق فنية تضم ممثلين عن جميع الوزارات لمراقبة التنفيذ والكشف عن أية انحرافات." وأشار إلى أن "إدارة هذه الخطة تجري عبر ثلاثة مستويات رقابية هي: اللجنة العليا التي يترأسها نائب رئيس الوزراء أو وزير التخطيط، واللجنة الفنية برئاسة وكيل الوزارة، ولجنة المتابعة والتقييم التي تضم مديري السياسات الاقتصادية والتخطيط في الوزارات بدعم من خبراء دوليين." وبيّن أن "التحديات العالمية، والاعتماد العالي على النفط، يفرضان على المجلس أن يركز على دعم الأنشطة غير النفطية لضمان بناء اقتصاد متوازن ومستدام." وعلى الرغم من أهمية المبادرة، أشار الهنداوي إلى أن "من أبرز المعوقات الحالية أن المجلس لا يزال حديث النشأة، وهو في مرحلته الأولى، وهي رسم السياسات وتوفير المتطلبات اللوجستية، من خلال عقد جلسات حوارية لقطاعات مثل الصناعة والزراعة والسياحة والمشاريع الريادية." من جانبه، يرى الباحث والمختص في الشؤون المالية والمصرفية مصطفى حنتوش أن "تشكيل المجلس برئاسة رئيس الوزراء يمثل طفرة نوعية حقيقية في مسار القطاع الخاص بالعراق." لافتًا إلى أن "المجلس يتمتع بتركيبة قوية، ويمثل أصحاب رؤوس أموال وتجارب حقيقية في مجالات الصناعة والمصارف وإدارة الشركات.." وأشار إلى أن "المجلس يمثل خطوة ممتازة نحو ترسيخ رؤية تشاركية بين القطاعين العام والخاص، ولاسيما أنه يمتلك بيئة مناسبة للنمو والمنافسة." لكنه شدد على ضرورة تفعيل دوره عبر إيصال أصوات أعضائه بوضوح، وتقليل العراقيل الإدارية التي تعيق انطلاقة القطاع وتحجّم قدرته على جذب الاستثمارات وتحريك السوق.