مالك خلف وادي* /
في خضم التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي يمر بها العراق، تبرز المشاريع الصغيرة كأداة فعالة لتحقيق النمو المتوازن وتوليد فرص العمل، ولاسيما لفئة الشباب والنساء. فهي تمثل اللبنة الأساسية لأي اقتصاد ديناميكي ومتنوع، وتشكل مصدرًا مهمًا للابتكار وتعزيز الدخل المحلي. وانطلاقًا من هذه القناعة، أولت الحكومة العراقية، وبخاصة وزارة التجارة، اهتمامًا متزايدًا بتنمية هذا القطاع الحيوي. شهد العراق خلال الأعوام الأخيرة خطوات ملموسة لدعم المشاريع الصغيرة، من خلال مبادرات وطنية متعددة، في مقدمتها مبادرة (ريادة) التي أطلقتها الحكومة ضمن خريطة طريق وطنية لتنمية ريادة الأعمال، وتُنفذ بالتنسيق بين عدد من الوزارات والجهات الحكومية. وتُعد هذه المبادرة إطارًا شاملًا لتعزيز ثقافة العمل الحر، وتوفير التدريب وبناء القدرات، وتهيئة البنية التحتية الداعمة لرواد الأعمال في مختلف المحافظات. كما يمثل (صندوق دعم المشاريع الصغيرة) التابع لوزارة العمل والشؤون الاجتماعية إحدى الأدوات التمويلية الفاعلة، إذ يوفر قروضًا ميسّرة للشباب العاطلين عن العمل لإنشاء مشاريعهم الخاصة، مع تقديم التوجيه والإشراف الفني لضمان استدامتها. ويُكمل هذا الجهدَ توجّهُ الحكومة نحو تبسيط الإجراءات الإدارية، وتحسين بيئة ممارسة الأعمال، وتفعيل دور القطاعين المصرفي والخاص في تمويل ودعم هذه المشاريع. وفي وزارة التجارة، نعمل على تطوير السياسات والبرامج التي تضمن دمج المشاريع الصغيرة في سلاسل القيمة المحلية، وتشجيع الشراكات بين المستثمرين والمشاريع الناشئة، بالإضافة إلى دعم تأسيس حاضنات أعمال متخصصة. كما نسعى إلى ربط هذا القطاع بالتحول الرقمي والاقتصاد الأخضر، بما ينسجم مع توجهات التنمية المستدامة. وبالرغم من التحديات التي لا تُخفى، فإن ما تحقق حتى الآن يمثل قاعدة انطلاق واعدة. ونؤمن أن النجاح في تمكين المشاريع الصغيرة يتطلب تكامل الجهود بين الحكومة والقطاع الخاص والمجتمع المدني، وتوسيع مظلة الدعم لتشمل المناطق الريفية والمهمّشة. إن الاستثمار في المشاريع الصغيرة ليس مجرد سياسة اقتصادية، بل هو استثمار في استقرار العراق ومستقبله. ومن هنا، نؤكد التزامنا الكامل بمواصلة العمل على توفير البيئة المناسبة لنمو هذا القطاع وتحقيق تطلعات رواده.
* المدير العام لدائرة تطوير القطاع الخاص في وزارة التجارة