متابعة: علي فاضل /
في خطوة ستراتيجية جديدة، ضمن مسار الاكتفاء الذاتي من المشتقات النفطية، أطلق رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، الأعمال التنفيذية لمشروعي توسعة مصفيي النجف والديوانية، في إطار خطة حكومية متكاملة تستهدف تطوير صناعة التكرير وفتح آفاق جديدة أمام العراق للتحول من مستورد إلى مصدّر للمنتجات النفطية. خلال زيارته الميدانية إلى موقع مصفى النجف، أكد السوداني أن "المشروع يمثل واحدة من الحلقات الحيوية في سلسلة مشاريع الاكتفاء الذاتي." مشيرًا إلى أن "العراق بات قريبًا من التوقف عن استيراد المشتقات النفطية مع دخول مصافٍ عدة إلى الخدمة، في ميسان والديوانية والنجف." ويأتي هذا الإعلان بالتوازي مع إطلاق مشروع توسعة مصفى الديوانية، عبر دائرة تلفزيونية، إذ شدد رئيس الوزراء على أهمية هذه المشروعات في تعزيز الأمن الطاقي الوطني، وتوفير مدخلات صناعية ستراتيجية لقطاعات الكهرباء والبنى التحتية والبتروكيمياويات. نقلة نوعية المشروع، الذي انطلقت أعماله ميدانيًا في النجف، يتضمن إضافة وحدة تكرير جديدة بطاقة 70 ألف برميل يوميًا، ما يرفع الطاقة التكريرية الإجمالية للمصفى إلى 100 ألف برميل يوميًا. ومن المتوقع إنجاز المشروع خلال ثمانية أشهر فقط، ليشكل نقلة نوعية في قدرات التكرير الوطنية. وفق البيان الرسمي، الصادر عن المكتب الإعلامي لرئيس مجلس الوزراء، فإن مشروع توسعة مصفى النجف سيوفر كميات إضافية من المشتقات النفطية، ويغذي السوق المحلية ومعامل الإسفلت والسمنت ومحطات الكهرباء في الفرات الأوسط، كما سيتيح التعاقد مع مستثمرين لإنتاج البنزين المحسن ومواد صناعية وبتروكيمياوية. أما مشروع توسعة مصفى الديوانية، فقد جرى إطلاقه أيضًا بإضافة وحدة تكرير جديدة بطاقة 70 ألف برميل يوميًا، ليصل الإجمالي إلى 90 ألف برميل يوميًا. المشروع، الذي تبلغ كلفته 800 مليون دولار، يتضمن إنشاء وحدات متقدمة لمعالجة الغاز السائل، وتحسين البنزين، وإنتاج النفط الأبيض وزيت الغاز، إلى جانب وحدة لأزمرة وهدرجة النفثا، ومعمل لإنتاج النايتروجين، ومحطات خزن وضخ وتوليد الكهرباء. ويمتد تنفيذ هذا المشروع إلى خمس سنوات، ويأتي ضمن خطة ستراتيجية أوسع لتحويل ما نسبته 40 % من النفط الخام المنتج في العراق إلى صناعات تحويلية وتكريرية، ما يعزز من القيمة المضافة للثروة النفطية، بدلًا من تصديرها كمادة خام. رؤية حكومية في كلمته خلال إطلاق المشاريع، أكد السوداني أن هذه التوسعات ليست مجرد مشاريع طاقة، بل إنها جزء من رؤية حكومية متكاملة لتقوية الاقتصاد العراقي، عبر بناء قاعدة صناعية نفطية متينة، وتحقيق الاكتفاء الذاتي، وخلق فرص استثمار وتشغيل جديدة. وقال إن "الدولة العراقية بدأت تضع قدمها على الطريق الصحيح للتحرر من عبء استيراد الوقود." مشيرًا إلى دخول مشاريع أخرى إلى الخدمة قريبًا، "ما يجعل البلاد قادرة على تغطية حاجتها المحلية بالكامل، وربما التوجه لاحقًا نحو التصدير الإقليمي." من جهته، أوضح وزير النفط حيان عبد الغني أن "زيادة الطاقة الإنتاجية للمشتقات النفطية تمثل خطوة محورية نحو تحقيق الاكتفاء الذاتي، وخفض الاعتماد على الاستيراد." مشددًا على التزام الوزارة بالمضي قدمًا في تنفيذ هذه المشاريع، باستخدام تقنيات حديثة، وبمواصفات عالمية. وأشار الوزير إلى أن "التوسعة تأتي في وقت تتجه فيه معظم دول العالم لتعزيز أمنها الطاقي عبر التركيز على التكرير والصناعات التحويلية." مشيرًا إلى أن "العراق يمتلك ما يؤهله ليكون في صدارة منتجي المشتقات النفطية المكررة في المنطقة، إذا استمر الالتزام الحكومي بهذا النسق التصاعدي."