وسام مريدي
الصمغ العربي، المعروف أيضًا باسم (صمغ الأكاسيا) أو (صمغ السنط)، هو صمغٌ طبيعي يُستخرجُ من أشجار الأكاسيا، أبرزها (الهشاب) السوداني (Acacia senegal) و(الطلح) أو (السيال (Vachellia seyal). ويعدُّ السودان المصدر الأكبر عالميًا بنسبة نحو 80 %، بينما تنتجُ دول الساحل نحو 20 % فقط.
يتميزُ الصمغُ العربيُّ بألوانٍ تتراوحُ بين الأبيض والأصفر والبنّي، خيوطه لزجة بطعمٍ حامضٍ خفيف، يذوبُ في الماء الحار ولا يذوب بالكحول. تركيبته تشمل L-أرابينوز، D-جالاكتوز، L-رامنوز وD- جلوكورونك أسيد، ويعدُّ المصدر الأول لاكتشاف سكريات الأرابينوز والريبوز.
رهان الخبراء الخبير الزراعي والبيئي مسلم الربيعي، بخبرة تزيد على 30 عامًا، مؤسس أكثر من 80 مجموعة وصفحة متخصصة في الزراعة، قال لـ "الشبكة العراقيَّة": "عظمة الصمغ العربي تكمنُ في كرم أرض السودان وعزيمة أهلها. نقل هذه التجربة إلى الصحارى العراقيَّة يمثل مشروعًا ستراتيجيًا لتحويل المساحات القاحلة إلى مناجم ذهب أخضر." أضاف الربيعي أنَّ "زراعة الهشاب والطلح متوافقة مع الظروف البيئيَّة في العراق، فهي تتحملُ الجفافَ والحرارة الشديدة، وتزرعُ في التربة الرمليَّة أو الطينيَّة القلويَّة المنخفضة الخصوبة، ما يقلل الحاجة إلى الأراضي الزراعيَّة التقليديَّة."
المهندس الزراعي يوسف الطرفي، من محافظة النجف الأشرف، يشير إلى أنَّ "وجود أنواعٍ محليَّة من الأكاسيا يعزز قدرة محافظة النجف الأشرف على استضافة هذه الزراعة، ويؤكد إمكانيات البلاد في تطوير مشروع ناجح ومستدام."
فوائد بيئيَّة إلى جانب العائد الاقتصادي، تعدُّ هذه الأحزمة الخضر مشروعًا وطنيًا لمكافحة التصحر، إذ إن جذور الأشجار تثبت الكثبان الرمليَّة وتحسن خصوبة التربة، كونها بقوليات مثبتة للنيتروجين، ما يعزز قدرة الأراضي القاحلة على استعادة خصوبتها بشكل طبيعي.
مراحل المشروع الزراعة والإنتاج الأولي: تبدأ العمليَّة بمسحٍ بيئيٍ لتحديد أفضل المواقع، واستيراد بذور أو شتلات أكاسيا عالية الجودة. تحتاج الأشجار إلى ريٍ محدودٍ خلال السنوات الأولى (3 - 5 سنوات) قبل أنْ تعتمد على نفسها.
الحصاد والجمع "القرط": بعد (4 - 5) سنوات، يبدأ إنتاج الصمغ. تُجرح الأشجار بأدوات خاصة لتحفيز إفراز الصمغ، الذي يتجمعُ على شكل دموعٍ صلبة شفافة أو صفراء، وتُترك لتجف لمدة (3 - 8) أسابيع قبل جمعها يدويًا.
التصنيع والمعالجة لتحويل الصمغ الخام إلى منتجاتٍ جاهزة للصناعات الغذائيَّة والطبيَّة، يشملُ التصنيع الغسل لإزالة الشوائب، التكسير والطحن، الذوبان والترشيح، وأخيرًا التجفيف الرذاذي (Spray Drying) لإنتاج بودرة نقيَّة عالية الجودة. قد تُضافُ موادّ مساعدة بسيطة لضمان جودة المنتج وفترة صلاحيته.
أهميَّة اقتصاديَّة الطلب العالمي على الصمغ العربي قوي ومستمر، إذ يستخدم كأليافٍ غذائيَّة آمنة ومستحلبٍ طبيعي. النوع الأول (الهشاب) الأغلى والأكثر نقاءً، بينما يستخدم الطلح في تطبيقات صناعيَّة واسعة وفي صناعة الحلويات والمشروبات. يمثلُ المشروع فرصة لتنوع الاقتصاد العراقي بعيدًا عن النفط، ويخلقُ آلاف فرص العمل.
موقع العراق الجغرافي يسهلُ الوصول إلى الأسواق العالميَّة عبر الموانئ والممرات البريَّة، ما يعزز مكانته كمصدر إقليمي للسلع الطبيعيَّة. ختامًا.. خبرة العراقيين الزراعيَّة وعزيمتهم، مدعومة بتخطيطٍ دقيقٍ من الزراعة حتى التصدير، قادرة على تحويل مشروع الصمغ العربي إلى قصة نجاح عالميَّة، تليقُ بكرم وعطاء هذه الأرض، وتضعُ العراق على خريطة الإنتاج الزراعي المستدام في المنطقة.