100%
ياسر المتولي
على حين غفلة أخذ الدولار في السوق الموازي يتهاوى، وإن كان ببطء، لكن الوقائع والمؤشرات على الأرض يشيان بتراجع كبير في أسعار الصرف، بما يشير إلى تعافي الدينار العراقي، وهو مراد المواطن. حقاً هذا التراجع يثير الاستغراب بسبب الهبوط السريع في الأسعار، ما يتطلب البحث في العوامل الأساسية التي أدت إلى هذا التراجع الملحوظ.
في هذا الصدد، تشير التقديرات إلى أن أسعار الدولار في السوق الموازي انخفضت باتجاه سعر الصرف الرسمي، بمعدل تغيير لمصلحة الدينار، بنحو 15 % بالمتوسط، خلال الأسابيع أو الأشهر القليلة الماضية.
وهناك أسباب لهذا التطور، بينها نجاح البنك المركزي العراقي في تمويل التجارة الخارجية للقطاع الخاص ولكبار التجار، عن طريق تعزيز الدولار لدى مراسلي المصارف الوطنية في الخارج، المصنفة AAA بشكل متسارع، فضلاً عن أن بدء التعامل المباشر بالتمويل للعمليات المصرفية الخارجية بعملات اليورو والدرهم الإماراتي واليوان الصيني، من خلال مراسلين مصرفيين للمصارف العراقية هم من التصنيف الائتماني العالي، قد شجع على سرعة الدفع والتحويلات في التجارة مع أسواق الإمارات وتركيا والصين، وهي من أكبر مراكز التسوق التجاري للعراق.
ومن الأسباب الأخرى تشجيع تمويل التجارات الصغيرة بيسر ودون تكلفة، وهي تشكل 60 بالمئة من تجارة القطاع الخاص بعد رفع الكثير من القيود المفروضة سابقاً، والتعاطي من خلال المصارف المراسلة الرصينة نفسها وعبر المصارف العراقية مباشرة.
هذه الأسباب، وغيرها، ساهمت في تحديد جموح الدولار في السوق الموازي، بالإضافة إلى أسباب أخرى، ساهمت أيضاً في تعزيز قيمة الدينار العراقي، منها سرعة حصول شريحة المسافرين على مستحقاتهم بالعملة الأجنبية عن طريق بطاقات الدفع، بكلفة مخفضة وبسعر الصرف الرسمي (1320) ديناراً لكل دولار، دون مشكلات التأخير في تحصيل الدولار النقدي عبر مطارات جمهورية العراق، وبمبلغ 3000 دولار بالسعر الرسمي للصرف لكل مسافر شهرياً، مع حمل بطاقة الدفع الإلكترونية.
كما لا نغفل مخاطر تقلب قيمة الدولار أمام أسعار الذهب، وتوجهات الأفراد إلى الاحتفاظ بفوائضهم المالية بالذهب وسندات الحكومة السيادية المضمونة الدفع، وبفائدة نصف سنوية. هذه العوامل، وسواها، ساعدت حقاً في خفض الطلب على الدولار في الأسواق المحلية الموازية.
ومما لا شك فيه، فإن تهديدات الفيدرالي الأميركي باستبعاد أجيال من الدولار من التداول، خلفت ذعراً بين المالكين وأسهمت بارتفاع المعروض من الدولار، وتأثير ذلك بخفض أسعار سعر الصرف.
وأخيراً يمكن القول إن أسواق (الهايبر ماركت)، المدعومة حكومياً، لعبت دوراً في تحقيق استقرار سعري وعطلت من دور السوق الموازية، وتأثيراتها السعرية على أسعار المستهلك، واستقرار السوق التنافسية، وهي تجربة استطاعت منافسة أسعار السوق السوداء، وهو ما يؤشر نجاح السياسة التجارية لأول مرة في العراق بمعالجة الأسعار.