100%
حليم سلمان
تستضيف العاصمة العراقية بغداد القمة العربية بدورتها الرابعة والثلاثين، التي نأمل أن تفتح آفاقًا جديدة من التكامل العربي، وتعزيز الدور الإقليمي للعراق كفاعل في النظام العربي، لعرض الاستقرار السياسي والأمني، والقدرة على استضافة الفعاليات العربية والعالمية الكبرى، فضلًا عن التركيز في الحصول على الدعم السياسي والاقتصادي في مشروعات إعادة الإعمار والاستثمارات في قطاع الطاقة والبنية التحتية.
فبعد سنوات من الحروب وعدم الاستقرار، يتطلع العراق اليوم إلى استعادة دوره الطبيعي، فاعلاً في المحيط العربي، ساعيًا إلى إقامة أفضل العلاقات المتوازنة مع مختلف المحاور الإقليمية، دون الانحياز إلى طرف ضد آخر.
القمة العربية بدورتها الحالية ستكون متميزة، كونها تقام في بغداد، بمكانتها التاريخية والحضارية، وعمقها الثقافي والسياسي، مع انتهاج العراق سياسة متوازنة في تقريب وجهات النظر بين الأطراف العربية المتباعدة، والانفتاح والتوازن بين المحاور، وتشجيعه على الحوار بدل الاصطفاف، وطرح الرؤى التنموية والاقتصادية التي تعزز التكامل العربي، فالقمة هي قمة استعادة التوازن العربي، واستعادة العراق زمام المبادرة كقوة فاعلة، وهي محاولة لإعادة تعريف العمل العربي المشترك في ظل متغيرات إقليميّة مستمرة.
وسط هذه التحديات التي تواجه منطقة الشرق الأوسط، يسعى العراق إلى ترسيخ صورته كدولة مستقرة ومنتجة، وأن نجاحه في تنظيم القمة يُعد رسالة واضحة للعالم العربي والدولي، بأنه خرج من دائرة (الفوضى)، وبات قادرًا على تنفيذ أدوار قيادية، لاسيما في بيئة إقليمية مضطربة. ويأمل العراق أن تكون القمة منصة لإظهار تحسّن أوضاعه الأمنية والسياسية، ما يفتح الباب أمام تعزيز الشراكات الاقتصادية والاستثمارية مع الدول العربية.
وعلى الصعيدين السياسي والدبلوماسي، تتكثف الجهود لأن يلعب العراق دور الوسيط بين القوى المتنازعة، بسياسة تقوم على التوازن والانفتاح، كجسر للحوار العربي – العربي، خاصة في ظل تصاعد الخلافات بشأن ملفات مثل (سوريا واليمن والسودان وفلسطين)، ودعم أوسع للقضية الفلسطينية، لاسيما مع تصاعد الأحداث في غزة والضفة الغربية.
هناك إجماع سياسي واقتصادي على أن يمضي العراق في مدّ جسور التعاون مع العرب في قطاعات الطاقة والنقل والاستثمار، خاصة في مشروعات الربط الكهربائي والممرات الاقتصادية، التي يمكن أن تعزز التعاون الإقليمي.
باختصار، العراق لا يريد فقط إنجاح قمة بغداد على المستوى الشكلي، بل يسعى لأن تكون هذه القمة نقطة تحوّل في علاقته مع محيطه العربي، من خلال تفعيل دوره كفاعل موثوق، وتحقيق نتائج ملموسة، فيها مردود اقتصادي وسياسي على صعيدي التنمية والاستقرار.