هل يؤثر AI على الأداء المعرفي للبشر؟

إعداد وترجمة/ أحمد المولى أصبحت التكنولوجيا الرقمية المدعومة بالذكاء الاصطناعي متداخلة مع جميع جوانب المجتمع. وأصبح من الواضح بشكل متزايد أن مجتمعًا جديدًا آخذ في الظهور. غالبًا ما يُنظر إلى ظهور الذكاء الاصطناعي بوصفه جزءاً من (الثورة الصناعية الرابعة)، فبعد اختراع المحرك البخاري في الثورة الأولى، أتت الثورة الثانية بالإنتاج الضخم، وقدمت الثورة الثالثة الحوسبة. أمّا عصرنا الحالي فيشهد الثورة الرابعة. النوع الخامس في اليابان، يُطلق على هذا النوع من المجتمع الذي ينشأ من هذه الثورة الرابعة الآن اسم (مجتمع النوع الخامس)، إذ أدى ابتكار المحراث الى الانتقال من المجتمع الأول (مجتمع الصيادين وجامعي الثمار) إلى المجتمع الثاني الزراعي، وبعد ذلك أدى المحرك البخاري إلى المجتمع الصناعي (الثالث)، وأدى الكمبيوتر إلى مجتمع المعلومات (المجتمع الرابع). وتؤدي الثورة الرابعة الآن إلى النوع الخامس: المجتمع الرقمي. من بين جميع تقنيات هذه الثورة الرابعة، لا شك أن الذكاء الاصطناعي هو الأكثر لفتًا للانتباه من بين جميع تقنيات هذه الثورة الرابعة. من المحتمل تمامًا أن يكون للذكاء الاصطناعي تأثير كبير على مجتمعنا. وليس من السهل دائمًا التعامل مع هذا التأثير، لأنه يحطم الأطر القائمة. فحتى الآن كنا نحسب التكنولوجيا (منفعلة) والبشر (فاعلين)، لكن الذكاء الاصطناعي يمتلك شكلًا تكنولوجيًا من أشكال (الاستقلالية). إذ في وسع أنظمة الحاسوب أن (تتعلم)، وتالياً تتطور بطرق لا يمكن لمبرمجيها التنبؤ بها دائمًا؛ وهي في وضع يمكنها من اتخاذ القرارات باستقلالية وتقديم المشورة للبشر بشأن أمور لا يستطيع التفكير البشري الإشراف عليها بشكل جيد أكثر من الحاسوب المزود بالذكاء الاصطناعي. تلاشي الحدود يتعذر الفصل بين البشر والتقنيات بعد الآن، إذ تؤثر أنظمة الذكاء الاصطناعي على كيفية تصرفنا وإدراكنا للعالم، وفي الوقت نفسه تتأثر بنا وتتعلم منا، وهذا ما يحدث حرفيًا. فعلى سبيل المثال، اضطرت شركة مايكروسوفت إلى إيقاف روبوت الدردشة الذكي (تاج) في غضون 24 ساعة عندما قام بعض الأشخاص بتحميل تعليقات عنصرية، ونشر (تاج) نفسه تغريدات عنصرية وتحريضية. إن هذا التلاشي للحدود بين البشر والتقنيات يتحدى فهمنا للعلاقات بين الإنسان والتكنولوجيا، كما يتحدى أطرنا الأخلاقية. ماذا يعني، ضمنًا، على سبيل المثال، أن تمنح دولة ما شخصية اعتبارية لروبوت وتمنحه اسمًا؟ تعني الشخصية الاعتبارية القدرة على الفعل والإرادة، ولكن ما نوع القدرة التي تمتلكها الروبوتات؟ تأتي القدرة مع المسؤولية، ولكن أين يجب أن نحدد مسؤولية الروبوت؟ في المصمم، أم المبرمج، أم الشركة المنتجة له، أم في الروبوت نفسه؟ وهل يجب أن نوسع مفهوم حقوق الإنسان ليشمل حقوق الروبوت؟ وهل سيصبح إيقاف تشغيل روبوت في مرحلة ما مشكلة أخلاقية؟ تغيير التفكير البشري يكمن جوهر التأثير المجتمعي للذكاء الاصطناعي في تأثيره على الأداء المعرفي للبشر، فالذكاء الاصطناعي يغير التفكير البشري. من منظور تاريخي، هذا ليس شيئًا جديدًا. فالكتابة، على سبيل المثال، كان لها تأثير كبير على كيفية عمل ذاكرتنا، فقد شعر أفلاطون بالقلق من "أننا لن نكون قادرين على تذكر أي شيء، إذا تمكنا من تدوين كل شيء." إن طباعة الكتب هي شكل مماثل من أشكال التكنولوجيا المعرفية، ففجأة لم تعد المعرفة مخفية خلف جدران الأديرة. وقد أدى ذلك إلى جعلها في المتناوَل وأرسى في نهاية المطاف أسس الثورة العلمية. كما هو الحال مع العديد من التقنيات الأخرى، من الجيد التمييز بين مستويات مختلفة لتأثير التكنولوجيا الرقمية. على المستوى الفردي، إذ تؤثر هذه التكنولوجيا على خيارات وسلوكيات وأطر تفسير المستخدمين الأفراد، فآلات البحث تحدد المعلومات التي يستخدمها الناس لتشكيل صورتهم عن العالم. اقتحام مختلف القطاعات تزود الأنظمة الخبيرة الأطباء والقضاة بسياق التشخيص أو الحكم، فيما المدن الذكية توجه سائقي السيارات إلى أماكن محددة لركن السيارات وتنظم السرعة القصوى. على المستوى الاجتماعي، يتغلغل هذا التأثير في المجالات الاجتماعية، مثل الرعاية الصحية والسلطة القضائية (عبر الأنظمة الخبيرة)، وحركة المرور والنقل (عبر المركبات ذاتية القيادة)، والصحافة، في شكل (صحافة مؤتمتة). وأخيرًا، على المستوى المجتمعي، تؤثر التكنولوجيا الرقمية على تنظيم المجتمع: (الشرطة التنبؤية) تغير طبيعة الدور التنفيذي للشرطة، وتؤثر محركات البحث على المشاركة السياسية، وتشارك الخوارزميات في عملية صنع القرار العسكري.