مصطفى ناجي /
نظم مركز بحوث السوق وحماية المستهلك، التابع لوزارة التعليم العالي والبحث العلمي، المؤتمر الاحتفالي الأول لحماية المستهلك، الذي ناقش جملة من المواضيع الهادفة لاستهلاك تنموي ومستدام بما يتماشى مع متطلبات العصر والأوضاع الاقتصادية للمستهلك العراقي. تناول المشاركون في المؤتمر، الذي استمرت أعماله مدة يومين، تحت شعار (الانتقال العادل نحو أنماط حياة مستدامة)، وحضرته "الشبكة العراقية"، مناقشة أنماط حماية المستهلك في العراق التي تهدف إلى ضمان حقوقه ومنع أي استغلال أو تضليل في السوق، ومن أبرز تلك الأنماط، القوانين والتشريعات، لاسيما قانون حماية المستهلك رقم 1 لسنة 2010، الذي يهدف إلى ضمان حقوق المستهلكين وحمايتهم من الممارسات غير العادلة، مثل التلاعب بالأسعار أو تقديم منتجات غير مطابقة للمواصفات. ويعد مجلس حماية المستهلك هيئة رسمية تعمل على متابعة تنفيذ القانون، وضمان التزام الشركات والموردين بالمعايير المطلوبة، ويضم ممثلين من عدة وزارات وجهات مختصة لضمان تطبيق القانون بشكل فاعل. وجرت خلال المؤتمر مناقشة نمط التفتيش والرقابة التي تتابع الأسواق لضمان عدم وجود غش تجاري أو تضليل للمستهلكين، وفرض عقوبات على المخالفين، الى جانب التوعية الاستهلاكية، فالقانون المذكور يهدف إلى رفع مستوى الوعي لدى المستهلكين حول حقوقهم، وكيفية تجنب الوقوع ضحية للممارسات غير العادلة. كما نوقشت حماية المنتجات المحلية وفق قانون حماية المنتجات العراقية رقم 11 لسنة 2010، الذي يهدف إلى حماية الصناعة المحلية من الإغراق الناتج عن استيراد السلع الأجنبية بكميات كبيرة، وجرى تقديم أوراق عمل لمجموعة من الباحثين المشاركين من جهات ومؤسسات متعددة ذات علاقة، من أبرزها النمط المستدام لحماية المستهلك والبيئة في العراق، ويعتمد هذا النمط على ستراتيجيات طويلة الأمد تهدف إلى تحقيق التوازن بين التنمية الاقتصادية وحماية الموارد الطبيعية. تحقيق الاستدامة ووفقًا للستراتيجية الوطنية لحماية وتحسين البيئة في العراق (2024 - 2030)، فهناك عدة محاور رئيسة لتحقيق الاستدامة البيئية وحماية المستهلك، تتضمن التشريعات البيئية التي وضعت لتطوير قوانين وأنظمة تحمي البيئة من التلوث وتضمن استدامة الموارد الطبيعية، مثل قوانين الحد من الانبعاثات الكربونية وإدارة النفايات، إلى جانب الاستهلاك المستدام الذي يعني تعزيز ثقافة الاستهلاك الواعي بين المواطنين، من خلال حملات توعية بشأن أهمية تقليل استخدام البلاستيك، وفرز النفايات، ودعم المنتجات الصديقة للبيئة، فضلًا عن تشجيع الاستثمار في مصادر الطاقة النظيفة مثل الطاقة الشمسية والرياح، لتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري وتقليل الأثر البيئي للصناعات المتطلبة لهذا النوع من الوقود. كما جرت الإشارة، من خلال أوراق المشاركين في المؤتمر، إلى الاستهلاك المسؤول وتأثيره على حياتنا اليومية، معرفين الاستهلاك المسؤول على أنه نهج يهدف إلى تقليل التأثير السلبي على البيئة والمجتمع من خلال اتخاذ قرارات واعية عند شراء المنتجات واستخدام الموارد، مؤكدين إمكانية إحداث فرق في حياتنا اليومية عبر عدة طرق، منها تقليل الاستهلاك غير الضروري وشراء المنتجات التي نحتاجها فقط، وتجنب الهدر في الطعام والموارد، إلى جانب دعم المنتجات المحلية والمستدامة باختيار المنتجات المصنوعة محليًا، التي تعتمد على مواد صديقة للبيئة، فضلًا عن إعادة التدوير وإعادة الاستخدام بفرز النفايات وإعادة تدوير المواد القابلة لذلك، واستخدام المنتجات القابلة لإعادة الاستخدام بدلًا من المنتجات ذات الاستخدام الواحد، وكذلك تقليل استهلاك الطاقة والمياه، علاوة على اختيار وسائل نقل صديقة للبيئة كاستخدام الدراجات أو وسائل النقل العامة بدلًا من السيارات الخاصة عند الإمكان. الاقتصاد والمستهلك وأوضحت ورقة نقاشية أعدت للمؤتمر دور التنمية المستدامة في دعم الاقتصاد والمستهلك العراقي، إذ تلعب التنمية المستدامة دورًا حيويًا في دعم الاقتصاد العراقي والمستهلك من خلال تحقيق التوازن بين النمو الاقتصادي، والعدالة الاجتماعية، وحماية البيئة، مستشهدة بدراسات تناولت عدة جوانب لهذا الدور، منها تنويع الاقتصاد، فالعراق يعتمد بشكل كبير على النفط، ما يجعله عرضة لتقلبات الأسعار العالمية، إلى جانب أن التنمية المستدامة تدعم تنويع الاقتصاد عبر الاستثمار في قطاعات مثل الزراعة، الصناعة، والسياحة، ما يقلل الاعتماد على النفط ويخلق فرص عمل جديدة. كذلك أشير إلى تحسين جودة الحياة من خلال تعزيز الخدمات الأساسية كالتعليم والصحة، ويمكن للتنمية المستدامة أن ترفع مستوى المعيشة للمستهلك العراقي، ما يسهم في تقليل الفقر والبطالة. كما نوهت أوراق العمل إلى دعم ريادة الأعمال بتشجيع المشاريع الصغيرة والمتوسطة، كونها تسهم في تأسيس بيئة اقتصادية أكثر استقرارًا، إذ توفر التنمية المستدامة الدعم المالي والتقني لهذه المشاريع، ما يعزز الابتكار والنمو الاقتصادي. كذلك جرى التطرق إلى حماية الموارد الطبيعية ومواجهة تحديات بيئية مثل التصحر وشح المياه، فالتنمية المستدامة تسهم في إدارة الموارد الطبيعية بشكل فاعل، ما يضمن ديمومتها للأجيال القادمة ويقلل من الأضرار البيئية، إلى جانب تعزيز الاقتصاد الرقمي الذي يمكن أن يسهم في تحقيق التنمية المستدامة عبر تحسين كفاءة القطاعات المختلفة، مثل التجارة الإلكترونية والخدمات المالية، ما يسهل على المستهلكين الوصول إلى المنتجات والخدمات بطريقة أكثر شفافية وكفاءة.
