العراق يدخلُ عصرَ التوقيع الإلكتروني

اقتصاد

العراق يدخلُ عصرَ التوقيع الإلكتروني
100%

وسام عبد الواحد 

أحدث التطورُ السريعُ في عالمِ الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات ثورة حقيقيَّة في أساليب التعامل، إذ لم تعد المعاملات الورقيَّة هي الوسيلة الوحيدة لتوثيق العقود والاتفاقيات. ومع هذه النقلة، برز التوقيع الإلكتروني كأداة أساسيَّة أثبتت قدرتها على مواكبة البيئة الرقميَّة، حتى أنَّ الكثيرَ من التشريعات الحديثة أقرت له القوة القانونيَّة ذاتها التي يتمتعُ بها التوقيع التقليدي على الأوراق الرسميَّة.

يقوم التوقيع الإلكتروني بوظائف شبيهة تمامًا بالتوقيع اليدوي، إذ يحدد هويَّة الشخص الموقّع ويثبت إقراره بما يتضمنه المستند الإلكتروني من معلومات. غير أنَّ اعتماده يحتاجُ إلى ضمانات إضافيَّة، مثل وجود شهادة تصديقٍ رسميَّة تصدر عن جهة موثوقة، فضلًا عن توافر المستلزمات التقنيَّة والقانونيَّة التي تعزز ثقة الأطراف المتعاملة وتمنع أي تلاعبٍ أو تزوير.

الحساسية القانونية وبالرغم من الاعتراف القانوني بهذا النوع من التواقيع، إلا أنَّ قبوله بشكلٍ مطلقٍ لا يزال مثار نقاش، إذ تستثني بعض القوانين مجالات معينة من التعامل بالتوقيع الإلكتروني لأسبابٍ تتعلق بالسريَّة أو الحساسيَّة القانونيَّة. وفي العراق، يفتح هذا الموضوع بابًا مهمًا للنقاش حول نطاق تطبيق قانون التوقيع والمعاملات الإلكترونيَّة، ومدى قدرة التوقيع الرقمي على أداء جميع وظائف التوقيع التقليدي في مختلف المعاملات بلا استثناء.

في العراق، صدر قانونٌ خاصٌّ بالمعاملات والتوقيع الإلكتروني والمعاملات الالكترونيَّة بالرقم (78) 2012، ليمنح هذه الأداة الرقميَّة إطارًا رسميًّا وشرعيَّة قانونيَّة.

خطوة عملية في خطوة عمليَّة لتفعيل هذا القانون، شهدت بغداد انعقاد مؤتمر التوقيع الإلكتروني تحت شعار "نحو بيئة رقميَّة موثوقة"، برعاية رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، وتنظيم البنك المركزي وهيأة الإعلام والاتصالات، بمشاركة وزارات ومؤسسات حكوميَّة وشركات تقنيَّة محليَّة ودوليَّة، فضلًا عن حضور جمع غفير من وسائل الإعلام المحليَّة والعربيَّة وممثلي الاتحاد الدولي للاتصالات. إذ وافق رئيس مجلس الوزراء على إطلاق العمل بالتوقيع الإلكتروني في مؤسسات الدولة والقطاع الخاص والمجتمع.

أجرى السوداني، ووزيرة الاتصالات، أول عمليتي توقيع إلكتروني رسمي، مؤكدًا أنَّ هذه الخطوة تمثلُ أحد أهم التزامات البرنامج الحكومي بالتحول الرقمي والأتمتة وتبسيط الإجراءات، لما لها من أثرٍ مباشرٍ في تحسين الخدمة المقدمة للمواطنين، والحد من الفساد الإداري والمالي والروتين المرتبط بالمعاملات الورقيَّة.

وأوضح السوداني أنَّ هذه الخطوة ليست مجرد تطبيقٍ لقانون قديم، بل هي انعطافة جديدة نحو تحديث الإدارة الحكوميَّة، وتعزيز الثقة بين المواطن والدولة عبر أدواتٍ رقميَّة شفافة ومعترفٍ بها دوليًا.

بيانات متطورة لتنفيذ هذه الخطوة، وفّرت وزارة الاتصالات مراكز بيانات متطورة وربطت المؤسسات الحكوميَّة بأنظمة حماية وشبكات مؤمنة، كما جرى تدريب ملاكاتٍ متخصصة على التعامل مع البنى التحتيَّة الرقميَّة الجديدة. ويُنتظر أنْ يشملَ التوقيع الإلكتروني، في مراحله المقبلة، معاملات القضاء، والعقود التجاريَّة، والخدمات المصرفيَّة، وحتى التبادلات الأكاديميَّة والبحثيَّة، ليغدو جزءًا من الحياة اليومية للمواطن.

بيئة رقميَّة من جانبه، أكد رئيس هيأة الإعلام والاتصالات الدكتور نوفل أبو رغيف، في مؤتمر "التوقيع الإلكتروني" الذي حضرته "الشبكة العراقيَّة"، أنَّ هذا المؤتمر يمثلُ "خطوة جوهريَّة في بناء بيئة رقميَّة آمنة تدعم الاقتصاد الوطني".

وأوضح أنَّ "نجاح هذا المشروع يتطلبُ تعزيزًا مؤسسيًا مسؤولًا لأمن المعلومات، وتطوير البنية التحتيَّة الرقميَّة، وتشجيع الاستثمار الواعي في هذا المجال." وأضاف أنَّ التحول الرقمي لم يعد خيارًا تنظيميًا بل ضرورةً وطنيَّة، وشدد على أنَّ "العراق يمتلكُ من الطاقات البشريَّة والشراكات الدوليَّة ما يؤهله ليكون جزءًا من الاقتصاد الرقمي العالمي."

المستقبل لن يكون ورقيًا في حين أكد مدير دائرة التنظيم الإعلامي في هيأة الإعلام والاتصالات، الأستاذ جادر عبد الوهاب الجادر، في حديثه لمجلة "الشبكة العراقية" أنَّ "ما جاء في كلمات رئيس الوزراء، والدكتور نوفل أبو رغيف، يعكسُ قناعة راسخة بأنَّ المستقبل لن يكون ورقيًا، بل رقمي وآمن وشفاف. فالتوقيع الإلكتروني ليس مجرد تقنية، بل مشروع دولة يستندُ إلى رؤية إصلاحيَّة شاملة، تُسهمُ في مكافحة الفساد، وتسريع المعاملات، وإرساء ثقة جديدة بين المواطن ومؤسسات الحكم، بما يضعُ العراقَ على أعتاب مرحلة تاريخيَّة في مساره الإداري والاقتصادي."

إقــــرأ المــــزيــــــــد

العلكة الكردية.. سحر الطبيعة وثمرة الجبال
تحقيقات

العلكة الكردية.. سحر الطبيعة وثمرة الجبال

حين تمتزج الأرض بالتقاليد.. قصة (تنباك الجدول الغربي) الذي يغزو المقاهي
تحقيقات

حين تمتزج الأرض بالتقاليد.. قصة (تنباك الجدول الغربي) الذي يغزو المقاهي

حياة بلا تواصل اجتماعي..  هل مازال في وسعنا أن نعيش في العالم الافتراضي؟
تحقيقات

حياة بلا تواصل اجتماعي.. هل مازال في وسعنا أن نعيش في العالم الافتراضي؟

أرصفة بلا مارة.. كيف تحولت شوارع بغداد إلى غابة من التجاوزات؟
تحقيقات

أرصفة بلا مارة.. كيف تحولت شوارع بغداد إلى غابة من التجاوزات؟

من الورق إلى الكود.. الهوية الجامعية تدخل العصر الرقمي
تحقيقات

من الورق إلى الكود.. الهوية الجامعية تدخل العصر الرقمي

العراق: "الدولة والمجتمع خلال قرن"
تحقيقات

العراق: "الدولة والمجتمع خلال قرن"

أبرز الأخبار

كيفــ ترد على من يحاول التقليل من شأنك؟

كيفــ ترد على من يحاول التقليل من شأنك؟

يارا خضير: أرقص من أجل السلام

يارا خضير: أرقص من أجل السلام

قصة إعدام الفنان صباح السهل

قصة إعدام الفنان صباح السهل

السحر الأسود.. يقلق راحة الموتى والأحياء المتاجرة بأدوات غسل الميت وأعضائه

السحر الأسود.. يقلق راحة الموتى والأحياء المتاجرة بأدوات غسل الميت وأعضائه

صلاح عمر العلي:300 عضو قيادي اختفوا بعد اجتماع قاعة الخلد

صلاح عمر العلي:300 عضو قيادي اختفوا بعد اجتماع قاعة الخلد

رنين تبوني: بالشعر.. اهرب من الواقع !

رنين تبوني: بالشعر.. اهرب من الواقع !

تاريخ ورمزيّة خاتم الزواج

تاريخ ورمزيّة خاتم الزواج